فقال الحسن : إن فيما قص الله من نبأ داود ما يرد ذلك. ثم قرأ ﴿ وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث ﴾ حتى بلغ ﴿ وكلاً آتينا حكماً وعلماً ﴾ فأثنى على سليمان ولم يذم داود.
ثم قال : أخذ الله على الحكام ثلاثة : أن لا يشتروا بآياته ثمناً قليلاً، ولا يتبعوا الهوى، ولا يخشوا الناس. ثم تلا هذه الآية ﴿ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ﴾ [ ص : ٢٦ ] الآية وقال ﴿ فلا تخشوا الناس واخشون ﴾ [ المائدة : ٤٤ ] وقال ﴿ ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ﴾ [ المائدة : ٤٤ ].
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن قتادة في قوله :﴿ وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير ﴾ قال : يصلين مع داود إذا صلى ﴿ وعلمناه صنعة لبوس لكم ﴾ قال : كانت صفائح، فأول من مدها وحلقها داود عليه السلام.
وأخرج عن السدي في قوله :﴿ وعلمناه صنعة لبوس لكم ﴾ قال : هي دروع الحديد ﴿ لتحصنكم من بأسكم ﴾ قال : من رتع السلاح فيكم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم، أنه قرأ « لنحصنكم » بالنون.
وأخرج الفريابي عن سليمان بن حيان قال : كان داود إذا وجد فترة، أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس، أن النبي ﷺ قال :« كان عمر آدم ألف سنة، وكان عمر داود ستين سنة. فقال آدم : أي رب، زده من عمري أربعين سنة. فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة ».
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحاكم وصححه، عن ابن عباس قال : مات داود عليه السلام يوم السبت فجأة، فعكفت الطير عليه تظله.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كان سليمان عليه السلام يوضع له ستمائة ألف كرسي، ثم يجيء أشراف الناس فيجلسون مما يليه، ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس، ثم يدعو الطير فتظلهم، ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة.
وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال : بلغنا أن سليمان عليه السلام كان عسكره مائة فرسخ، خمسة وعشرون منها للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية، فأمر الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به، فأوحى الله إليه « أني أزيد في ملكك أن لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدالله بن عبيد بن عمير قال : كان سليمان يأمر الريح فتجتمع كالطود العظيم، ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها، ثم يدعو بفرس من ذوات الأجنحة فترتفع حتى تصعد على فراشه، ثم يأمر الريح فترتفع به كل شرف دون السماء، فهو يطأطئ رأسه ما يلتفت يميناً ولا شمالاً تعظيماً لله وشكراً لما يعلم من صغر ما هو فيه في ملك الله، يضعه الريح حيث يشاء أن يضعه.


الصفحة التالية
Icon