وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه ﴿ فنادى في الظلمات ﴾ قال : ظلمة الليل وظلمة بطن الحوت وظلمة البحر.
وأخرج ابن جرير عن سالم بن أبي الجعد قال : أوحى الله تعالى إلى الحوت أن « لا تضر له لحماً ولا عظماً » ثم ابتلع الحوت حوت آخر، قال :﴿ فنادى في الظلمات ﴾ قال : ظلمة الحوت، ثم حوت، ثم ظلمة البحر.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كل تسبيح في القرآن صلاة، إلا قوله :﴿ سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات من طريق الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن معاوية قال له يوماً : إني قد ضربتني أمواج القرآن البارحة في آيتين لم أعرف تأويلهما ففزعت إليك. قال : وما هما؟ قال : قول الله :﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه ﴾ وأنه يفوته إن أراده، وقول الله :﴿ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ﴾ [ يوسف : ١١٠ ] كيف هذا يظنون أنه قد كذبهم ما وعدهم؟
فقال ابن عباس : أما يونس، فظن أن لن تبلغ خطيئته أن يقدر الله عليه فيها العقاب ولم يشك أن الله إن أراده قدر عليه.
وأما الآية الأخرى، فإن الرسل استيأسوا من إيمان قومهم وظنوا أن من عصاهم لرضا في العلانية قد كذبهم في السر، وذلك لطول البلاء عليهم ولم تستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية : فرجت عني يا ابن عباس فرج الله عنك.
وأخرج ابن أبي حاتم ن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما دعا يونس قومه أوحى الله إليه أن العذاب يصبحهم، فقال لهم فقالوا : ما كذب يونس وليصبحنا العذاب، فتعالوا حتى نخرج سخال كل شيء فنجعلها من أولادنا لعل الله أن يرحمهم. فأخرجوا النساء مع الولدان وأخرجوا الإبل مع فصلانها، وأخرجوا البقر مع عجاجيلها وأخرجوا الغنم مع سخالها فجعلوه أمامهم، وأقبل العذاب... فلما رأوه جأروا إلى الله ودعوا، وبكى النساء والولدان ورغت الإبل وفصلانها وخارت البقر وعجاجيلها وثغت الغنم وسخالها فرحمهم الله فصرف ذلك العذاب عنهم، وغضب يونس فقال : كذبت، فهو قوله :﴿ إذ ذهب مغاضباً ﴾ فمضى إلى البحر، وقوم رست سفينتهم فقال : احملوني معكم فحملوه، فأخرج الجعل فأبوا أن يقبلوه منه فقال : إذاً أخرج عنكم. فقبلوه، فلما لجت السفينة في البحر أخذهم البحر والأمواج، فقال لهم يونس : اطرحوني تنجوا. قالوا : بل نمسكك ننجوا. قال : فساهموني - يعني قارعوني - فساهموه ثلاثاً فوقعت عليه القرعة، فأوحى إلى سمكة يقال لها النجم من البحر الأخضر، أن « شقي البحار حتى تأخذي يونس، فليس يونس لك رزقاً ولكن بطنك له سجن، فلا تخدشي له جلداً ولا تكسري له عظماً » فجاءت حتى استقبلت السفينة، فقارعوه الثالثة فوقعت عليه القرعة فاقتحم الماء، فالتقمته السمكة فشقت به البحار حتى انتهت به إلى البحر الأخضر.


الصفحة التالية
Icon