وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قال الذين يريدون الحياة الدنيا ﴾ قال : أناس من أهل التوحيد قالوا :﴿ يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون ﴾ وفي قوله ﴿ ولا يلقاها إلا الصابرون ﴾ يعني لا يلقى ثواب الله، والصواب من القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ إنه لذو حظ عظيم ﴾ قال : ذو جد.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه؛ وهو ابن نوفل الهاشمي قال : بلغنا أن قارون أوتي من الكنوز والمال حتى جعل باب داره من ذهب، وجعل داره كلها من صفائح الذهب، وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون إليه ويروحون، يطعمهم الطعام ويتحدثون عنده، وكان مؤذياً لموسى ﷺ، فلم تدعه القسوة والهوى حتى أرسل إلى امرأة من بني إسرائيل مذكورة بالجمال كانت تذكر بريبة فقال لها : هل لك أن أموّلك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من إسرائيل عندي فتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني؟ فقالت : بلى. فلمّا جاء أصحابه واجتمعوا عنده، دعا بها فقامت على رؤوسهم، فقلب الله قلبها ورزقها التوبة فقالت : ما أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله، وأبرىء رسول الله عليه السلام فقالت : إن قارون بعث إلي فقال : هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي، وتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني، فإني لم أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله، وأبرىء رسول الله ﷺ، فنكس قارون رأسه وعرف أنه قد هلك.
وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى عليه السلام، وكان موسى عليه السلام شديد الغضب. فلما بلغه توضأ، ثم صلى وسجد وبكى وقال : يا رب... عدوك قارون كان لي مؤذياً، فذكر أشياء ثم لم ينهاه حتى أراد فضيحتي. يا رب سلطني عليه. فأوحى الله إليه : أن مر الأرض بما شئت تطعك. فجاء موسى إلى قارون، فلما رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال : يا موسى ارحمني فقال موسى عليه السلام : يا أرض خذيهم، فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه حتى تغيبت أقدامهم، وساخت دارهم على قدر ذلك فقال قارون : يا موسى ارحمني فقال : يا أرض خذيهم، فخسف به وبداره وبأصحابه، فلما خسف به قيل له :« يا موسى ما أفظك أما وعزتي لو إياي دعا لرحمته » وقال أبو عمران الجوني : فقيل لموسى : لا أعبد في الأرض بعدك أحداً.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فخسفنا به وبداره الأرض ﴾ قال : خسف به إلى الأرض السفلى.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أبي ميمون عن سمرة بن جندب قال : يخسف بقارون وقومه في كل يوم قدر قامة، فلا يبلغ الأرض السفلى إلى يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon