وكان ابن عباس يقرأ ﴿ فلما خَرَّ تَبَيَّنَتِ الإِنس إن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة ﴾ قال سفيان : وفي قراءة ابن مسعود « وهم يدأبون له حولاً ».
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن السني في الطب النبوي وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال :« كان سليمان عليه السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك؟ فتقول : كذا وكذا. فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء نبتت. فصلى ذات يوم، فإذا شجرة نابتة بين يديه فقال لها : ما اسمك؟ قالت : الخرنوب. قال : لأي شيء أنتِ؟ قالت : لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام : اللهم عم عن الجن موتي حين يعلم الإِنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فأخذ عصا، فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكىء، فمكث حيناً ميتاً والجن تعمل، فأكلتها الأرضة فسقطت، فعلموا عند ذلك بموته، فتبينت الإِنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولاً في العذاب المهين. وكان ابن عباس يقرأها كذلك، فشكرت الجن الأرضة، فأينما كانت يأتونها بالماء ».
وأخرج البزار والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس. موقوفاً.
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم. مرفوعاً. يقول الله « أني تفضلت على عبادي بثلاث : ألقيت الدابة على الحبة، ولولا ذلك لكنزتها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة. وألقيت النتن على الجسد، ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه، وأسليت الحزين، ولولا ذلك لذهب التسلي ». وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : كانت الجن تخبر الإِنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، فابتلوا بموت سليمان ﷺ، فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته، وهم مسخرون تلك السنة، ويعملون دائبين ﴿ فلما خر تبينت الجن ﴾ وفي بعض القراءة « فلما خر تبينت الإِنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين » وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولاً بعد موته.
وأخرج عبد بن حميد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الإِنس تقول في زمن سليمان عليه السلام : أن الجن تعلم الغيب، فلما مات سليمان عليه السلام، مكث قائماً على عصاه ميتاً حولاً والجن تعمل بقيامه « فلما خر تبينت الإِنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين » كان ابن عباس رضي الله عنهما كذلك يقرأها قال قيس بن سعد رضي الله عنه : وهي قراءة أُبيّ بن كعب رضي الله عنه كذلك.