وصنف يحاسبهم الله حساباً يسيراً ويدخلون الجنة. وصنف يوقفون ويؤخذ منهم ما شاء الله، ثم يدركهم عفو الله وتجاوزه.
وأخرج عبد بن حميد عن كعب في قوله ﴿ جنات عدن يدخلونها ﴾ قال : دخلوها ورب الكعبة، فأخبر الحسن بذلك فقال : أبت والله ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عبدالله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعباً عن قوله ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا... ﴾. نجوا كلهم، ثم قال : تحاكت مناكبهم ورب الكعبة، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن الحنفية قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثاً لم تعطها أمة كانت قبلها ﴿ منهم ظالم لنفسه ﴾ مغفور له ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ في الجنان ﴿ ومنهم سابق ﴾ بالمكان الأعلى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ﴾ قال : هم أصحاب المشئمة ﴿ ومنهم مقتصد ﴾ قال : هم أصحاب الميمنة ﴿ ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ﴾ قال : هم السابقون من الناس كلهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ﴿ ذلك هو الفضل الكبير ﴾ قال : ذاك من نعمة الله.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري « أن النبي ﷺ تلا قول الله ﴿ جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ﴾ فقال :» إن عليهم التيجان. ان أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أهل الجنة حين دخلوا الجنة ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : هم قوم كانوا في الدنيا يخافون الله، ويجتهدون له في العبادة سراً وعلانية، وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت منهم، فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت. فعندها ﴿ قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ﴾ غفر لنا العظيم، وشكر لنا القليل من أعمالنا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : حزن النار.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ الذي أذهب عنا الحزن ﴾ قال : ما كانوا يعملون.
وأخرج الحاكم وأبو نعيم وابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول :« المهاجرون هم السابقون الْمُدِلُّون على ربهم، والذي نفس محمد بيده انهم ليأتون يوم القيامة على عواتقهم السلاح، فيقرعون باب الجنة، فتقول لهم الخزنة، من أنتم؟ فيقولون : نحن المهاجرون فتقول لهم الخزنة : هل حوسبتم؟ فيجثون على ركبهم ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون : أي رب أبهذه نحاسب؟! قد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد، فيمثل الله لهم أجنحة من ذهب، مخوّصة بالزبرجد والياقوت، فيطيرون حتى يدخلوا الجنة فذلك قوله ﴿ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ﴾ إلى قوله ﴿ ولا يمسنا فيها لغوب ﴾ قال رسول الله ﷺ فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا ».


الصفحة التالية
Icon