وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ مقمحون ﴾ قال ( المقمح ) الشامخ بأنفه، المنكس برأسه. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول الشاعر :

ونحن على جوانبها قعود نغض الطرف كالإِبل القماح
وأخرج الخرائطي في مساوىء الأخلاق عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً ﴾ قال : البخل. أمسك الله أيديهم عن النفقة في سبيل الله ﴿ فهم لا يبصرون ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً ﴾ قال : في بعض القراءات « إنا جعلنا في أيمانهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون » قال : مغلولون عن كل خير.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ فهم مقمحون ﴾ قال : رافعوا رؤوسهم، وأيديهم موضوعة على أفواههم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ « وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً » برفع السين فيهما ﴿ فأغشيناهم ﴾ بالغين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النبي ﷺ، ينتظرون خروجه ليؤذوه، فشق ذلك عليه، فأتاه جبريل بسورة ﴿ يس ﴾ وأمره بالخروج عليهم، فأخذ كفاً من تراب، وخرج وهو يقرأها ويذر التراب على رؤوسهم، فما رأوه حتى جاز، فجعل أحدهم يلمس رأسه، فيجد التراب وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم؟ قالوا : ننتظر محمداً فقال : لقد رأيته داخلاً المسجد قالوا : قوموا فقد سحركم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال :« اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا : أئتِ هذا الرجل، فقل له إن قومك يقولون : إنك جئت بأمرٍ عظيم، ولم يكن عليه آباؤنا، ولا يتبعك عليه أحلامنا، وإنك إنما صنعت هذا إنك ذو حاجة، فإن كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك، فدع ما تريد وعليك بما كان عليه آباؤك، فانطلق عليه عتبة فقال له : الذي أمروه، فلما فرغ من قوله وسكت. قال رسول الله ﷺ :» ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم، حمتنزيل من الرحمن الرحيم ﴾ [ فصلت ١ - ٢ ] فقرأ عليه من أولها حتى بلغ ﴿ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ﴾ [ فصلت : ١٣ ] فرجع عتبة فأخبرهم الخبر، فقال : لقد كلمني بكلام ما هو بشعر، ولا بسحر، وإنه لكلام عجيب، ما هو بكلام الناس، فوقعوا به، وقالوا نذهب إليه بأجمعنا، فلما أرادوا ذلك، طلع عليهم رسول الله ﷺ، فعمدهم حتى قام على رؤوسهم، وقال بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ يس والقرآن الحكيم ﴾ حتى بلغ ﴿ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً ﴾ فضرب الله بأيديهم على أعناقهم، فجعل من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً، فأخذ تراباً، فجعله على رؤوسهم، ثم انصرف عنهم، ولا يدرون ما صنع بهم، فعجبوا وقالوا : ما رأينا أحداً قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا « ».


الصفحة التالية
Icon