فخرج الشيطان، فأدرك إسحاق وهو يمشي على أثر أبيه قال : أين أصبح أبوك غادياً؟ قال : لبعض حاجته قال : لا والله بل غدا بك ليذبحك قال : ما كان أبي ليذبحني، قال : بلى قال : لِمَ؟ قال : زعم أن الله أمره بذلك قال إسحق : فوالله لئن أمره ليطيعنه.
فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم، فقال أين أصبحت غادياً بابنك؟ قال : لبعض حاجتي قال : لا والله ما غدوت به إلا لتذبحه. قال : ولِمَ أذبحه؟ قال : زعمت أن الله أمرك بذلك فقال : والله لئن كان الله أمرني لأفعلن. قال فتركه ويئس أن يطاع، فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه، وسلم إسحاق عافاه الله، وفداه بذبح عظيم. فقال : قم أي بني فإن الله قد عافاك، فأوحى الله إلى إسحاق : أني قد أعطيتك دعوة استجيب لك فيها قال : فإني أدعوك أن تستجيب لي. أيما عبد لقيك من الأوّلين والآخرين لا يشرك بك شيئاً، فادخله الجنة.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ذبح إسحاق، سار به من منزله إلى المنحر بمنى مسيرة شهر في غداة واحدة، فلما صرف عنه الذبح، وأمر بذبح الكبش، ذبحه ثم راح به، وراحا إلى منزله في عشية واحدة مسيرة شهر طويت له الأودية والجبال.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أن يذبح إسحاق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن عساكر عن نوح بن حبيب قال : سمعت الشافعي يقول كلاماً ما سمعت قط أحسن منه، سمعته يقول : قال خليل الله إبراهيم لولده في وقت ما قص عليه ما رأى ماذا ترى؟ أي ماذا تشير به، ليستخرج بهذه اللفظة منه ذكر التفويض، والصبر، والتسليم، والانقياد لأمر الله، لا لمواراته لدفع أمر الله تعالى، ﴿ يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ قال الشافعي رضي الله عنه : والتفويض هو الصبر، والتسليم هو الصبر، والانقياد هو ملاك الصبر، فجمع له الذبيح جميع ما ابتغاه بهذه اللفظة اليسيرة.


الصفحة التالية
Icon