وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن حاضر قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق ترك أمه سارة في مسجد الخيف، وذهب بإسحاق معه، فلما بلغ حيث أراد أن يذبحه قال إبراهيم لمن كان معه : استأخروا مني، وأخذ بيد ابنه إسحاق، فعزله فقال : يا بني ﴿ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ﴾ قال له إسحاق : يا أبتِ ربي أمرك قال إبراهيم : نعم يا إسحاق. قال إسحاق :﴿ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فلما أسلما ﴾ لأمر الله ﴿ وتله ﴾ قال إسحاق لأبيه : يا أبتِ أوثقتني لأطيش بك نودي ﴿ يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ﴾ وهبط عليه الكبش من ثبير، وقد قيل : إنه ارتعى في الجنة أربعين سنة، فلما كشف عن إسحاق دعا ربه، ورغب إليه، وحمده، وأوحى إليه : أن أدع فإن دعاءك مستجاب، فقال : اللهم من خرج من الدنيا لا يشرك بك شيئاً فادخله الجنة. قال ابن خاضر : إن إبراهيم كان قال لربه : يا رب أي ولدي أذبح؟ فأوحى الرب إليه : أحبهما إليك.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه : أن داود قال : يا رب إن الناس يقولون رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني لهم رابعاً. فأوحى الله إليه : أن تلك بلية لم تصل إليك بعد. إن إبراهيم لم يعدل بي شيئاً إلا اختارني، ووفى بجميع ما أمرته. وإن إسحاق جاد لي بنفسه. وإن يعقوب أخذت خاصته، غيبته عنه طول الدهر، فلم ييأس من روحي.
وأخرج سعد بن منصور وابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : خرج إبراهيم عليه السلام بابنه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، فتمثل له الشيطان في صورة رجل، فقال له : أين تذهب؟ فقال إبراهيم : عليه السلام ما لك ولذلك... ! اذهب في حاجتي قال : فإنك تزعم أنك تذهب بابنك فتذبحه قال : والله إن كان الله أمرني بذلك أني لحقيق أن أطيع ربي، ثم ذهب إلى ابنه وهو وراءه يمشي، فقال له : أين تذهب؟ قال : اذهب مع أبي فقال : إن أباك يزعم أن الله أمره بذبحك، فقال له مثل ما قال إبراهيم، ثم انطلق إبراهيم عليه السلام، حتى إذا كانوا على جبل قال لابنه ﴿ يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾ ويا أبت أوثقني رباطاً، لا ينتضح عليك من دمي، فقام إليه إبراهيم بالشفرة، فبرك عليه، فجعل ما بين ليته إلى منحره نحاساً لا تحيك فيه الشفرة، ثم إن إبراهيم التفت وراء، فإذا هو بالكبش فقال له : أي بني قم فإن الله فداك، فذبح إبراهيم الكبش، وترك ابنه، ثم إن إبراهيم عليه السلام قال : يا بني إن الله قد أعطاك بصبرك اليوم، فسل ما شئت تعطى قال : فإني أسأل الله أن لا يلقاه له عبد مؤمن به، يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلا غفر له وأدخله الجنة.


الصفحة التالية
Icon