. فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره. أن يبعث إلى عدوّ كذا وكذا... فبعثه ففتح له أيضاً، فكتب إلى داود عليه السلام بذلك، فكتب إليه أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا... فبعثه فقتل في المرة الثالثة، وتزوّج امرأته.
فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيراً حتى بعث الله له ملكين في صورة انسيين، فطلبا أن يدخلا عليه، فتسورا عليه الحراب، فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين، ففزع منهما فقالا ﴿ لا تخف ﴾ إنما نحن ﴿ خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ﴾ يقول : لا تخف ﴿ واهدنا إلى سواء الصراط ﴾ إلى عدل القضاء فقال : قصا عليَّ قصتكما فقال أحدهما ﴿ إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ﴾ قال الآخر : وأنا أريد أن آخذها فاكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذاً لا ندعك وذاك قال : يا أخي أنت على ذلك بقادر قال : فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا. يعني طرف الأنف والجبهة.
قال : يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا. حيث لك تسع وتسعون امرأة، ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة، فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته. وتزوجت امرأته، فنظر فلم ير شيئاً، فعرف ما قد وقع فيه، وما قد ابتلى به ﴿ فخر ساجداً ﴾ فبكى، فمكث يبكي أربعين يوماً، لا يرفع رأسه إلا لحاجة، ثم يقع ساجداً يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه، فأوحى الله إليه بعد أربعين يوماً « يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال : يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي، وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء؟ إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دماً فيّ يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني، فأوحى الله إليه : إذا كان ذلك دعوت أوريا، فاستوهبك منه، فيهبك لي، فاثيبه بذلك الجنة » قال : رب الآن علمت أنك غفرت لي، فما استطاع أن يملأ عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض ﷺ.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ تسوّروا المحراب ﴾ قال : المسجد.


الصفحة التالية
Icon