وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن نبي الله أيوب عليه السلام لما أصابه الذي أصابه قال إبليس : يا رب ما يبالي أيوب أن تعطيه أهله ومثلهم معهم وتخلف له ماله وسلطانه سلطني على جسده قال : اذهب فقد سلطتك على جسده، وإياك يا خبيث ونفسه قال فنفخ فيه نفخة سقط لحمه، فلما أعياه صرخ صرخة اجتمعت إليه جنوده قالوا يا سيدنا ما أغضبك؟ فقال الا أغضب إني أخرجت آدم من الجنة وإن ولده هذا الضعيف قد غلبني فقالوا : يا سيدنا ما فعلت امرأته؟ فقال : حية فقال : أما هي فقد كفيك أمرها فقال له : فإن أطلقتها فقد أصبت وإلا فأعطه فجاء إليها فاستبرأها، فأتت أيوب فقالت له : يا أيوب إلى متى هذا البلاء؟ كلمة واحدة ثم استغفر ربك فيغفر لك فقال لها : فعلتها أنت أيضاً. ثم قال لها أما والله لئن الله تعالى عافاني لأجلدنك مائة جلدة فقال ﴿ رب أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ﴾ قأتاه جبريل عليه السلام فقال ﴿ اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ﴾ فرجع إليه حسنه وشبابه، ثم جلس على تل من التراب فجاءته امرأته بطعامه فلم تر له أثراً فقالت لأيوب عليه السلام وهو على التل : يا عبدالله هل رأيت مبتلي كان ههنا؟ فقال لها : إن رأيتيه تعرفينه؟ فقالت له لعلك أنت هو؟ قال : نعم. فأوحى الله إليه أن ﴿ خذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ﴾ قال : والضغث أن يأخذ الحزمة من السياط فيضرب بها الضربة الواحدة.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : ابتلى أيوب عليه السلام بماله وولده وجسده وطرح في المزبلة، فجعلت امرأته تخرج فتكتسب عليه ما تطعمه، فحسده الشيطان بذلك فكان يأتي أصحاب الخير والغنى الذين كانوا يتصدقوا عليها فيقول : اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها، فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها انها تأتيكم وتغشاكم، فجعلوا لا يدنونها منهم ويقولون : تباعدي عنا ونحن نطعمك ولا تقربينا، فأخبرت بذلك أيوب عليه السلام، فحمد الله تعالى على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب فيقول : لج صاحبك وأبى إلا ما أبى الله، ولو تكلم بكلمة واحدة تكشف عنه كل ضر، ولرجع إليه ماله وولده. فتجيء فتخبر أيوب فيقول لها : لقيك عدوّ الله فلقنك هذا الكلام لئن أقامني الله من مرضي لأجلدنك مائة. فلذلك قال الله تعالى ﴿ وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ﴾ يعني بالضغث القبضة من الكبائس.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وخذ بيدك ضغثاً ﴾ قال : الضغث القبضة من المرعى الطيب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وخذ بيدك ضغثاً ﴾ قال : حزمة.


الصفحة التالية
Icon