أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ الم غلبت الروم ﴾ قال : غلبت. وغلبت قال : كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب، فذكروه لأبي بكر رضي الله عنه، فذكره أبو بكر لرسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ « أما أنهم سيغلبون فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلاً فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا. فجعل بينهم أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله ﷺ فقال : الا جعلته أراه قال : دون العشر فظهرت الروم بعد ذلك » فذلك قوله ﴿ الم غلبت الروم ﴾ فغلبت، ثم غلبت بعد. يقول الله ﴿ لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ﴾ قال سفيان : سمعت أنهم قد ظهروا عليهم يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان فارس ظاهرين على الروم، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس، لأنهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم. فلما نزلت ﴿ الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ﴾ قالوا : يا أبا بكر إن صاحبك يقول إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين. قال : صدق قالوا : هل لك إلى أن نقامرك؟ فبايعوه على أربعة قلائص إلى سبع سنين، فمضى السبع سنين ولم يكن شيء. ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين. وذكر ذلك للنبي ﷺ فقال « ما بضع سنين عندكم؟ قالوا : دون العشر. قال : اذهب فزايدهم وازدد سنتين في الأجل. قال : فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس، ففرح المؤمنون بذلك، وأنزل الله ﴿ الم غلبت الروم ﴾ إلى قوله ﴿ وعد الله لا يخلف الله وعده ﴾ ».
وأخرج أيو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : لما أنزلت ﴿ الم غلبت الروم... ﴾ قال المشركون لأبي بكر رضي الله عنه : ألا ترى إلى ما يقول صاحبك. يزعم أن الروم تغلب فارس؟ قال : صدق صاحبي. قالوا : هل لك أن نخاطرك؟ فجعل بينه وبينهم أجلاً، فحل الأجل قبل أن يبلغ الروم فارس، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فساءه وكرهه وقال لأبي بكر