« لم فعلت؟ فكل ما دون العشر بضع » فكان ظهور فارس على الروم في سبع سنين، ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية، ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب.
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال : كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت ﴿ الم غلبت الروم ﴾ قرأها بالنصب إلى قوله ﴿ يفرح المؤمنون بنصر الله ﴾ قال : ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس قال الترمذي : هكذا قرأ ﴿ غلبت ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿ الم غلبت الروم ﴾ قال : قد مضى. كان ذلك في أهل فارس والروم، وكانت فارس قد غلبتهم، ثم غلبت الروم بعد ذلك، والتقى رسول الله ﷺ مع مشركي العرب، والتقى الروم مع فارس، فنصر الله النبي ﷺ ومن معه من المسلمين على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على العجم. قال عطية : وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك فقال : التقينا مع رسول الله ﷺ ومشركي العرب، والتقت الروم وفارس، فنصرنا على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على المجوس، ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين، وفرحنا بنصر أهل الكتاب على المجوس، فذلك قوله ﴿ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة ﴿ الم غلبت الروم في أدنى الأرض ﴾ قال : غلبتهم أهل فارس على أدنى أرض : الشام. ﴿ وهم من بعد غلبهم سيغلبون ﴾ قال : لما أنزل الله هؤلاء الآيات صدق المسلمون ربهم، وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس، فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص، وأجلوا بينهم خمس سنين، فولي قمار المسلمين أبو بكر، وولي قمار المشركين أبي بن خلف - وذلك قبل أن ينهى عن القمار - فجاء الأجل ولم تظهر الروم على فارس، فسأل المشركون قمارهم، فذكر ذلك أصحاب النبي ﷺ للنبي ﷺ، فقال « ألم تكونوا أَحِقَّاءَ أن تؤجلوا أجلا دون العشر؟ فإن البضع ما بين الثلاث إلى العشر، فزايدوهم وما دوهم في الأجل، فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول، فكان ذلك مرجعهم من الحديبيه، وكان مما شد الله به الإِسلام، فهو قوله ﴿ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ﴾ ».
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن الزبير الكلابي قال : رأيت غلبة فارس الروم، ثم رأيت غلبة الروم فارس، ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم، وظهورهم على الشام والعراق، كل ذلك في خمس عشرة سنة.


الصفحة التالية
Icon