وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي رضي الله عنه « أن رجلاً سأل النبي ﷺ يوم الحديبية : أفتح هذا؟ قال : وأنزلت عليه ﴿ إنا فتحا لك فتحاً مبيناً ﴾ فقال النبي ﷺ : نعم عظيم، قال : وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية قال :﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ﴾ [ الحديد : ١٠ ] الآية ».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت :« قال رسول الله ﷺ ﴿ إنا فتحا لك فتحاً مبيناً ﴾ قال : فتح مكة ».
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه قال :« صلّى بنا رسول الله ﷺ الفجر ذات يوم بغلس وكان يغلس ويسفر ويقول : ما بين هذين وقت لكيلا يختلف المؤمنون فصلّى بنا ذات يوم بغلس فلما قضى الصلاة التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف، فقال :» أفيكم من رأى الليلة شيئاً؟ قلنا : لا يا رسول الله. قال : لكني رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا فمررت بملك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بهامة الآدمي فيقع دماغه جانباً وتقع الصخرة جانباً. قلت : ما هذا؟ قالا لي : أمضه. فمضيت فإذا أنا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن قلت : ما هذا؟ قالا : أمضه. فمضيت فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل على فيه قوم عراة على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فيقع في فيه ويسيل إلى أسفل ذلك النهر، قلت : ما هذا؟ قالا : أمضه فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار أمسكت على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم، قلت : من هؤلاء؟ قالا : أمضه. فمضيت فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلون تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت : ما هذا؟ قالا : أمضه، فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا أتبعه حتى يعيده فيها، قلت : ما هذا؟ قالا لي : أمضه، فمضيت فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه وإذا حوله الولدان وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة فصعدت ما شاء الله من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حمراء. قلت : ما هذا؟ قالا : أمضه. فمضيت، فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة على حافتي النهر منازل لا منازل أحسن منها من درة جوفاء وياقوته حمراء وفيه قدحان وأباريق تطرد قلت : ما هذا؟ قالا لي : أنزل فنزلت فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ثم شربت فإذا أحلى من عسل، وأشد بياضاً من اللبن وألين من الزبد، فقالا لي : أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامته فيقع دماغه جانباً وتقع الصخرة جانباً، فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ويصلون الصلاة لغير مواقيتها يضربون بها حتى يصيروا إلى النار، وأما صاحب الكلوب الذي رأيت ملكاً موكلاً بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة فيفسدون بينهم فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار، وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه فينفتل إلى أسفل ذلك النهر فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما وجدت من ريحهم، فأولئك الزناة وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوماً مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به، فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار وأما النار المطبقة التي رأيت ملكاً موكلاً بها كلما خرج منها شيء أتبعه حتى يعيده فيها، فتلك جهنم تفرق بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الروضة التي رأيت فتلك جنة المأوى، وأما الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان فهو إبراهيم وهم بنوه. وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حمراء فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. وأما النهر فهو نهرك الذي أعطاك الله الكوثر، وهذه منازلك وأهل بيتك. قال : فنوديت من فوقي يا محمد سل تُعْطه، فارتعدت فرائصي ورجف فؤادي واضطرب كل عضو مني ولم أستطع أن أجيب شيئاً فأخذ أحد الملكين بيده اليمنى، فوضعها في يدي والآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني ثم نوديت من فوقي : يا محمد سل تعط. قال : قلت : اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي وأن تلحق بي أهل بيتي وأن ألقاك ولا ذنب لي قال : ثم ولي بي ونزلت عليه هذه الآية ﴿ إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً ﴾ فقال رسول الله ﷺ :« فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء الله تعالى » «.


الصفحة التالية
Icon