وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال :« لما نزلت هذه الآية ﴿ لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول ﴾ قعد ثابت رضي الله عنه في الطريق يبكي فمرّ به عاصم بن عدي بن العجلان فقال : ما يبكيك يا ثابت؟ قال : هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت فيَّ وأنا صيّت رفيع الصوت، فمضى عاصم بن عدي إلى رسول الله ﷺ فأخبره خبره فقال : اذهب فأدعه لي فجاء فقال : ما يبكيك يا ثابت؟ فقال : أنا صيّت وأتخوّف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ، فقال له رسول الله ﷺ : أما ترضى أن تعيش حميداً وتقتل شهيداً وتدخل الجنة؟ قال : رضيت ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول الله ﷺ. قال : وأنزل الله تعالى ﴿ إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ﴾ » الآية.
وأخرج ابن حبان والطبراني وأبو نعيم في المعرفة عن إسمعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري « أن ثابت بن قيس قال : يا رسول الله : لقد خشيت أن أكون قد هلكت. قال : لمَ؟ قال : يمنع الله المرء أن يحمد بما لم يفعل وأجدني أحب الحمد، وينهى عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، وينهى أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهير الصوت، فقال رسول الله ﷺ : يا ثابت أما ترضى أن تعيش حميداً وتقتل شهيداً وتدخل الجنة؟ » قال الحافظ ابن حجر في الأطراف : هكذا أخرجه ابن حبان بهذا السياق وليس فيه ما يدل على أن إسمعيل سمعه من ثابت، فهو منقطع، ورواه مالك رضي الله عنه في الموطأ عن ابن شهاب عن إسمعيل عن ثابت أنه قال فذكره ولم يذكره من رواة الموطأ أحد إلا سعيد بن عفير وحده وقال : قال مالك : قتل ثابت بن قيس يوم اليمامة. قال ابن حجر رضي الله عنه : فلم يدركه إسمعيل، فهو منقطع قطعاً، إنتهى.
وأخرج ابن جرير عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال :« جاء ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي ﷺ وهو محزون، فقال : يا ثابت ما الذي أرى بك؟ قال : آية قرأتها الليلة فأخشى أن يكون قد حبط عملي ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ وكان في أذنه صمم، فقال : أخشى أن أكون قد رفعت صوتي وجهرت لك بالقول، وأن أكون قد حبط عملي وأنا لا أشعر. فقال رسول الله ﷺ : إمشِ على الأرض نشيطاً فإنك من أهل الجنة ».


الصفحة التالية
Icon