وأخرج ابن مردويه عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بلغنا أن الممتحنة أنزلت في المدة التي ماد فيها رسول الله ﷺ كفار قريش من أجل العهد الذي كان بين رسول الله ﷺ وبين كفار قريش في المدة، فكان يرد على كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن وبعولتهن كفار، ولو كانوا حرباً ليست بين رسول الله ﷺ وبينهم مدة عهد لم يردوا إليهم شيئاً مما أنفقوا، وقد حكم الله للمؤمنين على أهل المدة من الكفار بمثل ذلك الحكم، قال الله :﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم ﴾ فطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته بنت أبي أمية بن المغيرة من بني مخزوم فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وبنت جرول من خزاعة فزوّجها رسول الله ﷺ لأبي جهم بن حذيفة العدوي، وجعل ذلك حكماً حكم به بين المؤمنين وبين المشركين في مدة العهد التي كانت بينهم، فأقر المؤمنون بحكم الله، فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين، فقال الله :﴿ وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ﴾ فإذا ذهبت بعد هذه الآية امرأة من أزواج المؤمنين إلى المشركين رد المؤمنون إلى أزواجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم الذي أمروا أن يردوه إلى المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهن اللاتي آمنّ وهاجرن، ثم ردوا إلى المشركين فضلاً إن كان لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾ قال : الرجل تلحق امرأته بدار الحرب فلا يعتد بها من نسائه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي رضي الله عنه قال : كانت زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنه من الذين قالوا له :﴿ واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم ﴾ إن امرأة من أهل مكة أتت المسلمين فعوضوا زوجها، وإن امرأة من المسلمين أتت المشركين فعوضوا زوجها، وإن امرأة من المسلمين ذهبت إلى من ليس له عهد من المشركين ﴿ فعاقبتم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا ﴾ يقول : آتوا زوجها من الغنيمة مثل مهرها.


الصفحة التالية
Icon