وإذا كان الكلام إنما يفيد الإبانة عن الأغراض القائمة في النفوس، التي لا يمكن التوصل إليها بأنفسها وهي محتاجة إلى ما يعبر عنها، فما كان أقرب في تصويرها، وأظهر في كشفها للفهم الغائب عنها، وكان مع ذلك أحكم في الإبانة عن المراد، وأشد تحقيقا في الايضاح عن المطلب (١) وأعجب في وضعه، وأرشق في تصرفه، وأبرع في نظمه - كان أولى وأحق بأن يكون شريفاً.
وقد شبهوا النطق بالخط، والخط يحتاج مع بيانه إلى رشاقة / وصحة، [وملاحة] (٢) ولطف، حتى يحوز الفضيلة ويجمع الكمال.
شبهوا الخط والنطق بالتصوير، وقد أجمعوا أن من أحذق المصورين من صور لك الباكي المتضاحك، والباكي الحزين، والضاحك المتباكي، والضاحك المستبشر.
وكما أنه يحتاج إلى لطف يد في تصوير هذه الأمثلة، فكذلك يحتاج إلى لطف في اللسان والطبع في تصوير ما في النفس للغير.
وفي جملة الكلام ما تقصر (٣) عبارته وتفضل معانيه.
وفيه ما تقصر معانيه (٤) وتفضل العبارات.
وفيه ما يقع كل واحد منهما وفقاً للآخر.
ثم ينقسم ما يقع وفقا إلى أنه قد يفيدها على [جملة وقد يفيدها على] (٥) تفصيل.
وكل واحد منهما قد ينقسم إلى ما يفيدها على أن يكون كل واحد منهما بديعاً شريفاً، وغريباً لطيفاَ.
وقد يكون كل واحد منهما مستجلباً متكلفاً، ومصنوعاً متعسفاً، وقد يكون [كل] (٦) واحد منهما حسناً رشيقاً، وبهيجاً نضيراً (٧).
وقد يتفق أحد الامرين دون الآخر.
وقدر / يتفق أن يسلم الكلام والمعنى من غير رشاقة ولا نضارة في واحد منهما.
[و] (٨) إنما يميز من يميز، ويعرف من يعرف.
والحكم في ذلك صعب شديد، والفصل فيه شأو بعيد.
وقد قل من
ومكانها بياض في ك (٣) س، ك " الكلام إلى ما تقصر " (٤) س، ك " المعاني " (٥) الزيادة من ا، م (٦) الزيادة من ا، م، ك (٧) ك، م " نظيرا " (٨) الزيادة من ك، م (*)