خطبة لمعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه قال الراوي: لما حضرته الوفاة قال لولى له: من بالباب؟ فقال: نفر من قريش يتباشرون بموتك! فقال: ويحك، ولمَ؟ ثم أذن للناس، فحمد الله وأثنى عليه (١) فأوجز، ثم قال: / أيها الناس، إنّا قد أصبحنا في دهر عنُود، وزمن شديد، يعد فيه المحسن مسيئاً، ويزداد الظالم فيه عُتُوّاً، لا ننتفع بما علمنا، ولا نسأل عما جهلنا، ولا نتخوف (٢) قارعة حتى تحل بنا، فالناس على أربعة أصناف: منهم: من لا يمنعه من الفساد في الأرض إلا مهانة نفسه، وكلال حده، ونضيض (٣) وفره.
ومنهم: المصلت (٤) لسيفه، والمجلب برجله (٥)، والمعلن (٦) بشره، قد أشرط نفسه (٧)، وأوبق دينه، لحطام (٨) ينتهزه، أو مقنب (٩) يقوده، أو منبر يفرعه (١٠) وبئس المتجرأن تراها لنفسك ثمنا، ومما لك
عند الله عوضاً.
ومنهم: من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طامن من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر من ثوبه، وزخرف