ولما اختاروا قصيدته في " السبعيات (١) ".
أضافوا إليها أمثالها، وقرنوا بها نظائرها، ثم تراهم يقولون، لفلان لامية مثلها، ثم ترى أنفس الشعراء تتشوق إلى معارضته، وتساويه في طريقته، وربما غبرت في وجهه في أشياء كثيرة (٢)، وتقدمت عليه في أسباب عجيبة.
وإذا جاءوا إلى تعداد محاسن شعره، كان أمراً محصوراً، وشيئاً معروفاً.
أنت تجد من ذلك البديع أو أحسن منه في شعر غيره، وتشاهد مثل ذلك البارع في كلام سواه، وتنظر إلى المحدثين كيف توغلوا إلى حيازة المحاسن، منهم من جمع رصانة الكلام إلى سلاسته، / ومتانته إلى عذوبته، والإصابة في معناه إلى تحسين بهجته، حتى إن منهم من قصر عنه في بعض، تقدم عليه في بعض، [وإن وقف دونه في حال، سبقه في أحوال، وإن تشبه به في أمر، ساواه في أمور] (٣) لأن الجنس الذي يرمون إليه، والغرض الذي
يتواردون عليه، هو (٤) مما للآدمي فيه مجال، وللبشري فيه مثال، فكل يضرب فيه بسهم، ويفوز فيه بقدح، ثم قد تتفاوت السهام (٥) تفاوتاً، وتتباين تبايناً، وقد تتقارب تقارباً، على حسب مشاركتهم في الصنائع، ومساهمتهم في الحرف.
" ونظم القرآن " جنس متميز (٦)، وأسلوب متخصص، وقبيل عن النظير (٧) متخلص، فإذا شئت أن تعرف عظم شأنه، فتأمل ما نقوله في هذا الفصل لامرئ القيس في أجود أشعاره، وما نبين لك من عواره، على التفصيل.
وذلك قوله: قفا نَبكِ من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدَّخول فحومَلِ فَتُوضِحَ فالمِقْراة لم يعفُ رسمُها * لما نسجتها من جنوب وشمأل