فقال الهاروني: اشهدوا على أنه إن أعاد كلام نفسه سلمت له ما قال " وذكره الصفدى أيضا في ترجمة أبى الحسن المتكلم، محمد بن شجاع المعتزلي، حيث يقول ٣ / ١٤٧: " حضر مجلس عضد الدولة، وكلم أبا بكر الباقلانى الاشعري في مسألة كلامية، فطول في بعض نوبه، فلما أخذ أبو الحسن الكلام في نوبته، قال له القاضى أبو بكر: قد أخللت بالجواب عن فصل يا شيخ.
وأخذ الباقلانى الكلام على نوبته فزاد في الطول، فقال له أبو الحسن: علاوتك أثقل من حملك.
فضحك عضد الدولة من ذلك ".
(١٠) قال ابن عمار الميورقى: " كان ابن الطيب مالكيا فاضلا متورعا ممن لم تحفظ عليه زلة قط، ولا نسبت إليه نقيصة.
وكان يلقب بشيخ السنة، ولسان الامة، وكان فارس هذا العلم، مباركا على هذه الامة.
وكان حصنا من حصون المسلمين، وما سر أهل البدع بشئ كسرورهم بموته ".
(١١) قال أبو القاسم: عبد الواحد بن على بن برهان النحوي، المتوفى سنة ٤٥٦: " من سمع مناظرة القاضى أبى بكر، لم يستلذ بعدها بسماع كلام أحد من المتكلمين والفقهاء والخطباء والمسترسلين، ولا الاغانى أيضا، من طيب كلامه وفصاحته، وحسن نظامه وإشارته " (١٢) قال أبو عمران الفارسى (٣٦٨ - ٤٣٠) :" القاضى أبو بكر: سيف أهل السنة في زمانه، وإمام متكلمي أهل الحق في وقتنا ".
(١٣) قال أبو عبد الله الصيرفى: " كان صلاح القاضى أكثر من علمه، وما نفع الله هذه الامة بكتبه، وبثها فيهم إلا بحسن نيته، واحتسابه بذلك.
وكان يدرس نهاره وأكثر ليله ".
(١٤) قال أبو حاتم الطبري: محمود بن الحسن القزويني: " إن ما كان يضمره القاضى الامام أبو بكر الاشعري رضى الله عنه، من الورع والديانة،
والزهد والصيانة، أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك؟ فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة والمخالفين، لئلا يستحقروا علماء الحق والدين، فأضمر ما أضمره، فإنى رأيت آدم - مع جلالته - نودى عليه
ساكن الريح نطوف ال * - مزن منحل العزالى (١ / وقوله: (مَنْ تَزَكَّى فإِنما يَتَزكْى لِنَفْسِهِ) (٢).
كقول الشاعر من بحر الخفيف: كل يوم بشمسه * وغدٌ مثل أمسه وكقوله عزوجل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهِ يَجْعَلْ لَّهْ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتسِبُ) (٣) قالوا: هو من المتقارب.
وكقوله: (وَدَانِيةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلِتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا) (٤).
ويشبعون حركة الميم، فيزعمون أنه من الرجز.
وذكر عن أبي نواس أنه ضمن ذلك شعراً، وهو قوله (٥) : وفتيةٍ في مجلسٍ وجوههم * * ريحانُهم قد عَدِموا التثقيلا (دانيةً عَليْهِمُ ظِلالُها * وذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلا) وقوله عز وجل: (وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ
مُؤْمِنِينَ) (٦).
زعموا أنه من الوافر، كقول الشاعر (٧) : لنا غنمٌ نُسَوِّقُها غِزار * كانّ قرونَ جلّتها عصيُّ (٨) / وكقوله عز وجل: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ.
فّذَلِكَ الَّذِي يَدُعّ الْيَتِيِمَ) (٩) ضمنه أبو نواس في شعره ففصل، وقال: " فذاك الذي " وشعره: وقرا مُعلناً ليصدعَ قلبي * والهوى يصدعُ الفؤاد السقيما (١٠) أرأيت الذي يُكِذّبُ بالدي * - ن فذاك الذي يدع اليتيما
والنطوف: القطور، وليلة نطوف: قاطرة تمطر حتى الصباح.
المزن: السحاب.
والعزالى، بكسر اللام: جمع عزلاء، وهى مصب الماء من الرواية والقربة في أسفلها حيث يستفرغ ما فيها من الماء.
يقال للسحابة إذا انهمرت بالمطر: قد حلت عزاليها، على تشبيه اتساع المطر واندفاقه بالذى يخرج من فم المزادة.
(٢) سورة فاطر: ١٨ (٣) سورة الطلاق: ٢ - ٣ (٤) سورة الانسان: ١٤ (٥) أخبار أبى نواس ٢ / ٥٣ (٦) سورة التوبة: ١٤ (٧) امرؤ القيس كما في اللسان ١٢ - ٣٢ والديوان ص ١٩٢ (٨) نسوقها: نسوقها.
غزار: كثيرة.
جلتها: جمع جليل، وهى الغنم الكبيرة المسنة.
(٩) سورة الماعون: ١٤ (١٠) أخبار أبى نواس ٢ / ٥٣ وقد ذكرهما المؤلف في كتاب التمهيد ص ١٢٨ ولم ينسبهما.
(*)