في كتبه، متى ذكر من كلامه سطراً أتبعه من كلام الناس أوراقاً، وإذا ذكر منه صفحة بنى عليه من قول غيره كتابا ".
وفى هذا الكلام حق كثير، وظلم مبين، وأين كلام ابن العميد من سحر الجاحظ؟ هيهات هيهات أن يقارنه أو يقاربه.
* * * ثم عقد فصلا في ص ٣٨٠ لبيان أن عجز سائر أهل الاعصار عن الاتيان بمثل القرآن ثابت، كعجز أهل العصر الاول.
ثم أعقبه بفصل في التحدي ووجه الحاجة إليه في باب القرآن ص ٣٨٢.
وتلاه بفصل في قدر المعجز من القرآن عند الاشاعرة والمعتزلة ص ٣٨٦.
" فذهب عامة الاشاعرة إلى أن أقل ما يعجز عنه من القرآن: السورة، قصيرة كانت أو طويلة، أو ما كان بقدرها.
قال الاشعري: فإذا كانت الآية بقدر حروف سورة، وإن كانت سورة الكوثر، فذلك معجز، ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر.
وذهبت المعتزلة إلى أن كل سورة برأسها فهي معجزة ".
وبعده فصل في أنه هل يعلم إعجاز القرآن ضرورة؟ ص ٣٩٣ وقد ذهب إلى
أن الأعجمي لا يمكنه أن يعلم إعجازه إلا استدلالا، وكذلك غير البليغ من العرب، فأما البليغ الذى أحاط بمذاهب العربية وغرائب الصنعة، فإنه يعلم من نفسه ضرورة عجزه عن الاتيان بمثله، ويعلم عجز غيره بمثل ما يعرف عجز نفسه.
وجعل الفصل الذى يليه ص ٣٩٤ فيما يتعلق به الاعجاز: أهو الحروف المنظومة؟ أم الكلام القائم بالذات؟ أم غير ذلك؟ وذهب إلى أن التحدي واقع إلى أن يأتوا بمثل الحروف المنظومة، التي هي عبارة عن كلام الله تعالى، في نظمها وتأليفها، وهي حكاية لكلامه، ودلالات عليه، وأما رات له، على أن يكونوا مستأنفين لذلك، لا حاكمين لما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر فصلا في وصف وجوه من البلاغة، بدأه بقوله: " ذكر بعض أهل الأدب والكلام: أن البلاغة على عشرة أقسام..".
وهذا البعض الذى لم يشأ
وقال آخر (١) :* أملَّ عليها بالبِلى الملوان (٢) * / وقال الآخر (٣) : وذاكمُ أنَّ ذُل الجار حالفكم * * وأن أنفَكُمُ لا تعرف الأَنَفَا (٤) وكتب إلي بعض مشايخنا، قال: أنشدنا الأخفش عن المبرد، عن التوزي (٥) :.
وقالوا (٦) : حمامات فَحُمَّ لقاؤها * وطَلْحٌ، فزيرت والمطى طلوح (٧)
عقاب بأعقاب من النأى بعد ما * جرت نيةٌ تُنسي المحبَّ طروح (٨) وقال صِحابي: هدهدٌ فوق بانةٍ * هُدى وبيانٌ بالنجاح يلوح (٩) وقالوا: دمٌ، دامت مواثيقُ عهده * ودام لنا حسن الصفاء صريح (١٠)

(١) هو تميم بن أبى بن مقبل، كما في الاقتضاب ص ٤٧٢ والجواليقي ص ٤٠٣ والامالي ١ / ٢٣٣ واللسان ٢٠ / ١٦٠ وديوانه ٢٣٥.
(٢) وصدره: * ألا يا ديار الحى بالسبعان * والملوان: الليل والنهار.
وجعلهما ابن مقبل الغداة والعشي.
(٣) م: " الآخر أظنه التوزى " (٤) البيت لرجل من بنى عبس في البديع ص ٥٨ والموازنة ١ / ٢٤٩ والصناعتين ٢٥٥ ونقد الشعر ٦١ وصدره فيه تحريف.
وسر الفصاحة ص ١٨٤ والعمدة ١ / ٢٩٢ وفيه: " وذلكم " كما في م ".
(٥) م " عن التنوخى " ا " التوجى " ك " الثوري ".
(٦) الشعر لابي حية النميري كما في أمالى القالى ١ / ٧٠ وزهر الآداب ٢ / ١٦٧ ونسب للراعي في الزهرة ص ٢٤٧ (٧) م: " وطلح قريب " وهو تحريف، وفى زهر الآداب: وطلح فنيلت " وطليح: أجهدها السير وهزلها.
(٨) قال البكري في شرح الامالى ١ / ٢٤٤: " بإعقاب بالكسر بخط أبى على ".
وفى ك، س: " من النأى " وفى الامالى " تسلى المحب " وفى زهر الآداب " بعد ما نأت نأية بالظاعنين طريح " (٩) في الزهرة " وقالوا: نراه هدهدا.. وبيان والطريق تلوح " (١٠) في الزهرة: " دامت مودة بيننا... صفو صفاء صريح " وفى الامالى وفى زهر الآداب " مواثيق بيننا.. حلو الصفاء " وقال البكري: " وقوله حلو الصفاء: هو نعت لشئ محذوف، ولولا ذلك ما نعته بعد بصريح كأنه عهد حلو الصفاء أوود " (*)


الصفحة التالية
Icon