على تخفيف همزة "إِجْل" بحذفها وإلقاء حركتها على نون مِن، كقولك في تخفيف: كم إبلُك "٤٩و": كم بِلُك، وفي من إبراهيم: منِ بْراهيم، وهو واضح.
ومن ذلك قراءة الحسن: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادًا فِي الْأَرْضِ"١ بنصب الفساد.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون ذلك على فعل محذوف يدل عليه أول الكلام؛ وذلك أن قتل النفس بغير النفس من أعظم الفساد، فكأنه قال: قال أو أتى فسادًا، أو ركب فسادًا، أو أحدث فسادًا. وحذفُ الفعل الناصب لدلالة الكلام عليه وإبقاء علمه ناطقًا به ودليلًا عليه مع ما يدل من غيره عليه -أكثرُ من أن يؤتى بشيء منه مع وضوح الحال به، إلا أن منه قول القطامي:
فكرت تبتغيه فوافقته | على دمه ومَصرَعِه السباعا٢ |
وسمعت سنة خمس وخمسين غلامًا حدثًا من عُقيل ومعه سيف في يده، فقال له بعض الحاضرين وكنا مُصْحِرين: يا أعرابي، سيفك هذا يقطع البطيخ؟ فقال: إي والله وغواربَ الرجل، فنصب الغوارب على ذلك؛ أي: ويقطع غواربَ الرجال.
ومن ذلك قراءة يحيى وإبراهيم والسلمي: "أَفَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ"٣ بالياء ورفع الميم.
١ من الآية ٣٢ من سورة المائدة.
٢ يروى:
يصف بقرة فقدت ولدها، فجعلت تطلبه فوافقت السباع عليه. وانظر: الكتاب: ١/ ١٤٢.
٣ سورة المائدة: ٥٠، وقرأ ابن عامر: "تبغون" بالتاء، والباقون بياء الغيبة. تفسير البحر: ٣/ ٥٠٥، وإتحاف فضلاء البشر: ١٢١.
٢ يروى:
فكرت ذات يوم تبتغيه | فأَلفت فوق مصرعه السباعا |
٣ سورة المائدة: ٥٠، وقرأ ابن عامر: "تبغون" بالتاء، والباقون بياء الغيبة. تفسير البحر: ٣/ ٥٠٥، وإتحاف فضلاء البشر: ١٢١.