قال ابن مجاهد: وهو خطأ.
قال: وقال الأعرج: لا أعرف في العربية "أفحكمُ"، وقرأ: "أفحكمَ" نصبًا.
وقرأ الأعمش: "أفَحكَمَ الجاهلية"١ بفتح الحاء والكاف والميم.
قال أبو الفتح: قول ابن مجاهد إنه خطأ فيه سرف؛ لكنه وجه غيره أقوى منه، وهو جائز في الشعر، قال أبو النجم:
قد أصبحَتْ أَمُّ الخيار تدَّعي | عليَّ ذنبًا كلُّه لم أصنع٢ |
وفيه من بَعْدِ هذا شيئان نذكرهما:
الأول: وهو أن قوله: "كله لم أصنع" وإن كان قد حذف منه الضمير، فإنه قد خلفه وأُعيض منه ما يقوم مقامه في اللفظ؛ لأنه يعاقبه ولا يجتمع معه، وهو حرف الإطلاق؛ أعني: الياء في "أصنعي"، فلما حضر ما يعاقب الهاء فلا يجتمع معها صارت لذلك كأنها حاضرة "٤٩ظ" غير محذوفة، فهذا وجه.
والثاني: أن هناك همزة استفهام، فهو أشد لتسليط الفعل، ألا ترى أنك تقول: زيد ضربته فيختار الرفع، فإذا جاء همزة الاستفهام اخترت النصب ألبتة، فقلت: أزيدًا ضربته، فنصبته بفعل مضمر يكون هذا الظاهر تفسيرًا له.
فإذا قلت: "أفحكمَ الجاهلية تبغون" ولم تُعد ضميرًا ولا عوضت منه ما يعاقبه، وحرف الاستفهام
١ يراد بالحكم الجنس لا الواحد، كأنه قيل: أحكام الجاهلية، وهي إشارة إلى الكهان الذين كانوا يأخذون الحلوان، وهي رشا الكهان، ويحكمون لهم بحسبه وبحسب الشهوات. البحر ٥/ ٥٠٥.
٢ انظر: الكتاب: ١/ ٤٤، ٦٩.
٢ انظر: الكتاب: ١/ ٤٤، ٦٩.