وعليه قراءة عكرمة وقتادة "ورجالِك". وقالوا: ثلاثة رَجِلَة ورَجْلَة، ومثله الأراجيلُ والمِرْجَلُ. وكان يونس يرى أن الرجْلة للعبيد أكثر، وقال الشاعر:

وأية أرضٍ لا أنيت سراتها وأية أرض لم أرِدْها بِمِرْجَل١
أي برجال.
ويقال: رجْل جمع راجِل كتاجر وتَجْر، وهذا عند سيبويه اسم للجمع غير مكَّسر بمنزلة الجامل والباقر٢، وهو عند أبي الحسن تكسير راجل وتاجر، وقال زهير:
هم ضربوا عن فرجها بكتيبة كبيضاء حرْس في جوانبها الرجْل٣
ويكون الرجال جمع راجل كتاجر وتِجَار، قال الله تعالى: ﴿فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ٤﴾.
ومن ذلك قراءة الحسن: "يَوْمَ يُدْعَوْ كُلُّ أُنَاسٍ٥"، بضم الياء، وفتح العين.
قال أبو الفتح: هذا على لغة من أبدل الألف في الوصل واوا، نحو أفْعَوْ، وحُبْلَوْ٦ ذكر ذلك سيبويه، وأكثر هذا القلب إنما هو في الوقف؛ لأن الوقف من مواضع التغيير، وهو أيضا في الوصل محكي عن حاله في الوقف. ومنهم من يبدلها ياء، وبهذه اللغة يحتج ليونس في البيت الذي أنشده صاحب الكتاب شاهدا عليه بأن ياء لبيك ياء التثنية ردا على يونس في أنها ألف بمنزلة ألف: عَلَى ولَدَى، والبيت قوله:
١ للأعشى، وروي فأية مكان وأية، وبمرحل بالحاء مكان بمرجل بالجيم. ديوان الأعشى: ٣٥٥.
٢ الجامل: القطيع من الإبل مع رعاته. والباقر: جماع البقر.
٣ روي: طوائفها مكان جوانبها. والفرج: موضع مخافة العدو، وهو والثغر بمعنى. جبل، وفي الأصل خرس، وهو تحريف. وبيضاء حرس: شمراخ فيه. والشمراخ: رأس مستدير طويل دقيق في أعلى الجبل. يريد أنهم ضربوا دون موضع المخافة بكتيبة منهم كأنها لعظمها بيضاء حرس. يمدح هرم بن سنان والحارث بن عوف في هذه القصيدة. وانظر الديوان: ١٠٧
٤ سورة البقرة: ٢٣٩.
٥ سورة الإسراء: ٧١.
٦ وتكون "كل" مرفوعة بـ"يدعو"، ويضيف أبو حيان تخريجا آخر، وهو أن تكون الواو ضميرا مفعولا لما لم يسم فاعله، وأصله "يدعون"، فحذف النون كما حذفت في قوله:
أبيتُ أسرِي وتبيتي تدْلُكِي وجهَكِ بالعنْبَرِ والمسكِ الذكِي
أي تبيتين تدلكين، و"كل" بدل من واو الضمير. وانظر البحر: ٦: ٦٣.


الصفحة التالية
Icon