وأما "فَتَنَّاه" فإن المراد بالتثنية هما الملكانن وهما الخصمان اللذان اختصما إليه، أي: علم أنهما اختبراه، فخبراه بما ركبه من التماسه امرأة صاحبه، فاستغفر داود ربه.
ومن ذلك قراءة الحسن والثقفي والأعمش -بخلاف عنهم-: " أولى الْأَيْد١"، بغير ياء.
قال أبو الفتح: يحتمل ذلك أمرين:
أحدهما أن أراد "بالأيد": "بالأيدي" على قراءة العامة، إلا أنه حذف الياء تخفيفا، كما قال: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُر ٢﴾ وغير ذلك مما حذفت فيه الياء تخفيفا.
والآخر أن يكون أراد: "بالأيد": القوة، أي: القوة في طاعة الله والعمل بما يرضيه. ألا تراه مقرونا بقوله: ﴿وَالْأَبْصَار﴾، أي: البصر بما يحظى عند الله؟. وعلى ذلك فـ"الأيدى" هنا إنما هي جمع اليد التي هي القوة، لا التي هي الجارحة ولا النعمة، لكنه كقولك: له يد في الطاعة، وقدم في المتابعة. فالمعنيان إذا واحدن وهو البصيرة والنهضة في طاعة الله، فهو إذا من قول لبيد:
حتى إذا ألقت يدا في كافر | وأجن عورات الثغور ظلامها٣ |
٢ سورة القمر: ٦.
٣ قبله:
فعلوت مرتقبا على ذي هبوة | حرج إلى أعلامهن قتامها |
أسهلت وانتصبت كجذع منيفة | جرداء يحصر دونها جرامها |