ومن ذلك قراءة النبي "صلى الله عليه وسلم": "جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ"، برفع الياء وبالضاد٢.
وقرأ: "يَنْقَاصُ" بالصاد غير معجمة، وبالألف -علي بن أبي طالب وعكرمة٣ وأبو شيخ الهنائي٤ ويحيى بن يعمر.
وفي قراءة عبد الله: "يُرِيدُ ليُنْقَضَ٥"، وكذلك روي عن الأعمش.
قال أبو الفتح: [٩٥و] معناه: قد قارب أن يُنقض، أو شارف ذلك، وهو عائد إلى معنى يكاد، وقد جاء ذلك عنهم. وأنشد أبو الحسن:

كادَتْ وكدْتُ وتلكَ خَيْرُ إرادَةٍ لَوْ عادَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابَةِ مَا مَضَى٦
وحَسُن هنا لفظ "الإرادة" لأنه أقوى في وقوع الفعل؛ وذلك لأنها داعية إلى وقوعه، وهي أيضا لا تصح إلا مع الحياة، ولا يصح الفعل إلا لذي الحياة. وليس كذلك كاد، لأنه قد يقارب الأمرَ ما لا حياة فيه، نحن مَمِيل الحائط وإشراق ضوء الفجر، فاعرف ذلك.
و"يَنْقَاصُ" مطاوع قِصْتُه فانْقَاصَ، أي: كسرتُه فانكَسَرَ. قال:
فِرَاقًا كَقَيْصِ السِّنِّ فالصَّبْرُ إنهُ لِكُلِّ أُناسٍ عثرةٌ وجُبُورُ٧
يجوز أن يكون جُبُورُ جمع جَبْرَة، كبَدْرَة وبُدُور، ومَأنَة٨ ومُئُون. وقد قالوا: قِضْتُه فانْقَاضَ، أي: هَدَمْتُه فانْهَدَمَ، بالضاد معجمة. قال:
١ سورة الكهف: ٧٧، وفي ك: ينقص، بالصاد، وهو تحريف.
٢ في ك: وبالصاد، وهو تحريف.
٣ لعله عكرمة بن خالد بن العاص، أبو خالد المخزومي المكي، تابعي ثقة جليل حجة. روى القراءة عرضا عن أصحاب ابن عباس، ولا يبعد أن يكون عرض عليه، فقد روى عنه كثيرا، وعرض عليه أبو عمرو بن العلاء، وحنظلة بن أبي سفيان. مات سنة ١١٥. طبقات ابن الجزري: ١: ٥١٥.
٤ اسمه حيوان، أوله مهملة أو معجمة، والياء ساكنة، روى عن عمر ومعاوية. وروى عنه بيهس وقتادة. وثقَّه ابن حبان. ومات بعد المائة. خلاصة تهذيب الكمال: ٣٨١.
٥ في ك: لتنقص، وهو تحريف.
٦ رواه اللسان "كيد" ولم ينسبه، وفيه "كان" مكان "عاد".
٧ لأبي ذؤيب الهذلي. ويروى قيض مكان قيص، وهما بمعنى الانشقاق. والجبور: مصدر جَبَرَ العظمَ، أي: أصلحه من كسر. والمراد صلاح الأمر واستقامته. وفي ك: الحبور، بالحاء، وهو تحريف. انظر ديوان الهذليين: ١: ١٣٨، والصحاح، واللسان "قيض وقيص".
٨ المائة: السرة.


الصفحة التالية
Icon