كَأَنَّها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقَاضُ١
وقَيْضُ البيضةِ: قِشْرُها الذي انفلق عن الفرخ.
وقراءة العامة: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ أشبه أولا منها بآخر؛ لأن الإرادة في اللفظ له، والانقضاض أيضا كذلك. وأما "يَنْقَضُّ" فيحتمل أمرين: أحدهما أن يكون ينفَعِل من القَضّة، وهي الحصا الصغار، وقال أبو زيد: يقال طعام قَضَضٌ: إذا كانت فيه القَضّة.
والآخر أن يكون يفعلّ من: نَقَضْت الشيء، كقراءة النبي "صلى الله عليه وسلم": "يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ"، ويكون يفعل هنا من غير الألوان والعيوب كيَزْوَرُّ ويَرْعَوِي، وقد مضى ذلك٢.
وقراءة عبد الله والأعمش: "يُرِيدُ ليُنْقَضَ" إن شئت قلت: إن اللام زائدةٌ، واحتججت فيه بقراءة النبي "صلى الله عليه وسلم"، وإن شئت قلتَ: تقديره: إرادته لكذا، كقولك: قيامه لكذا، وجلوسه لكذا، ثم وضع الفعل موضع مصدره، كما أنشد أبو زيد:
فَقَالُوا: مَا تَشَاءُ؟ فَقُلْتُ: أَلْهُو... إلَى الإصْبَاحِ آثِرَ ذِي أَثِيرِ٣
أي: اللهو، فوضع "ألهو" موضع مصدره، وأنشد أيضا:
وَأَهْلَكَنِي لَكُمْ في كُلِّ يَوْمٍ... تَعَوُّجُكُمْ عَلَيَّ وَأَسْتَقِيمُ٤
أي: واستقامتي، واللام هنا اللام في قوله:
أُرِيدُ لِأَنْسَى ذِكْرَهَا فَكَأنَما... تَمَثَّلُ لِي لَيْلَى بِكُلِّ سَبِيلِ٥
تَمْضِي إِذَا زُجِرَتْ عَنْ سَوْءَةٍ قُدُمًا
يهجو امرأة فاجرة. والهدَم -بالتحريك: ما انهدم من نواحي البئر، فسقط في جوفها. والجوف: البئر الواسعة التي لم تطو. وقيل هي التي طُوِيَ بعضها، ولم يطو بعض. كأنه يريد أنها تمضي متخلعة متفككة، أو مندفعة لا تلوي على شيء. وانظر الأساس واللسان "هدم".
٢ انظر ما مضى آنفاص: ٢٥ من هذا الجزء.
٣ لعروة بن الورد، وكان سبى امرأة من بني كنانة، فأعتقها وتزوجها، ثم كان معها في بني النضير، وكانت له بهم صلة، فجاءه أهلها، فعرضوا عليه أن يفتدوها، فقبل على أن يخيروها بينه وبينهم، فقبلوا، وقال: دعوني أله بها الليلة، فلما كان الغد خيروها، فاختارت أهلها. وآثر ذي أثير، أي: أول كل شيء. وانظر الأغاني طبعة الدار: ٣: ٧٦ وما بعدها، والخصائص: ٢: ٤٣٣، واللسان "أثر"، ولم نعثر عليه في النوادر.
٤ لعلي بن طفيل السعدي، شاعر جاهلي. النوادر: ١٦١.
٥ الكثير، وانظر الأغاني: ٧: ٧٥، والأمالي: ٢: ٦٥.