قال الراجز:
أصبح قلبي صردا... لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا... وصليانا بردا
وعنكثا ملتبدا١
يريد عاردا وباردا، فحذف الألف تخفيفا. ألا ترى أن أبا النجم قال:
كأنَّ في الفرش القتادَ العارِدا١
أي القوي الخشن، وقد ذكرنا نحو هذا.
وقد يجوز في "الْقَنِطِينَ" غير هذا، وذلك أنهم قد قالوا: قَنِطَ يقنَطُ، فقد يكون "الْقَنِطِينَ" من قَنِطَ يقنَطُ هذه، ويكون القانِطُون من قَنَطَ.
ومن ذلك قراءة الأشهب: "ومَن يقنُطُ٢"، بضم النون.
قال أبو الفتح: فيه لغات: قَنَطَ يقنِطُ، وقَنِطَ يقنَطُ، وقَنَطَ يقنُطُ. وقد حكيت أيضا: قَنَطَ يقنَطُ، ومثله من فعَل يفعَل: ركَن يركَن، وأبي يأَبى، وغسَا٣ الليل يغسَا، وجبَا٤ يجبَا، وقالوا: عَضَضْتَ تعضُّ. قال ابن يحيى: قد قالوا في شمِمتُ وصبِبتُ ونحوه بفتح الثاني هربًا من الكسر٥ من التضعيف.
ومن ذلك قراءة الحسن "يَنْحَتُونَ٦"؛ بفتح الحاء.
قال أبو الفتح: أجود اللغتين نَحَتَ ينحِت، بكسر الحاء، وفتحها لأجل حرف الحلق الذي فيها، كسَحَرَ يسحَر. وينبغي أن ينظر إلى ما أورده ليكون إلى نحوه طريقًا وسُلَّمًا.

١ انظر المحتسب: ١: ١٧١.
٢ سورة الحجر: ٥٦.
٣ غسا الليل: أظلم.
٤ جبا الماء في الحوض: جمعه. وفي ك: حباء بالحاء، وهو تحريف.
٥ في ك: الكسرة.
٦ سورة الحجر: ٨٢.


الصفحة التالية
Icon