ومن ذلك قراءة الحسن والأعمش والثقفي، ورويت عن أبي عمرو: "يَوْمَ الزِّينَةِ"١، بالنصب.
قال أبو الفتح: أما نصب "يَوْمَ الزِّينَةِ" فعلى الظرف، كقولنا: قيامك يومَ الجمعة، فالموعد إذًا٢ ههنا مصدر، والظرف بعده خبرٌ عنه. وهو عندي على حذف المضاف، أي: إنجاز موعدنا إياكم في ذلك٣ اليوم.
ألا ترى أنه لا يراد في ذلك اليوم نعدكم؟ كيف ذا والوعد قد وقع الآن؟ إنما يتوقع إنجازه في ذلك اليوم، لكن في قوله: ﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ النظر، فظاهر حاله أن يكون مجرور الموضع حتى كأنه قال: موعدكم يوم الزينة وحشر الناس ضحى، أي: يوم هذا وهذا؛ فيكون "أن يحشر" معطوفا عل الزينة.
وقد يجوز أن يكون مرفوع الموضع عطفا على الموعد، فكأنه قال: إنجاز موعدكم وحشر الناس ضحى في يوم الزينة، أي: هذان الفعلان في يوم الزينة، فكأنه جعل الموعد عبارة عن جميع ما يتحدد ذلك اليوم: من الثواب، والعقاب، وغيرهما سوى الحشر. ألا تراه عطفه عليه. وأنت لا تقول: جاء القوم وزيد، وقد جاء زيد معهم؛ لأن الشيء لا يعطف على نفسه وكذلك قول الله "تعالى": ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ ٤ لا يكون٥ "جبريل" و"ميكائيل" داخلين في جملة الملائكة؛ لأنهما معطوفان عليهم، فلابد أن يكونا خارجين منهم، فأما قوله:
أكُرُّ عَلَيْهِمْ دَعْلَجًا وَلَبَانَهُ | إذَا مَا اشتكَى وقعَ الرماحِ تَحَمْحَمَا٦ |
٢ في ك: فالموعد ههنا.
٣ في ك: في هذا.
٤ سورة البقرة: ٩٨، وممن قرأ "ميكائيل" ابن عامر وحمزة والكسائي. وانظر الإتحاف: ٨٨.
٥ في ك: ألا، وهو تحريف.
٦ لعامر بن الطفيل، دعلج: اسم فرسه. واللبان: صدر ذي الحافز. وتحمحم: صهل وقصر في الصهيل، فاستعان بنفسه "بفتح الفاء" الديوان: ١٣٤، واللسان: دعلج.