بالقرآن الكريم. عموماً رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه (آتيناهم الكتاب) لما كان فيه ثناء وخير نسب الإيتاء إلى نفسه، أوتوا فيها ذم فنسبه للمجهول (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا (٥) الجمعة) (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (١٤) الشورى)، أما قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (٣٢) فاطر) هذا مدح.
سؤال من المقدم: ما دلالة (من قبلُ) في الآية (وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ) ولماذا البناء على الضم في (قبلُ)؟
لو لم يقل (من قبلُ) يعني لو قال ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب هذا لا يدل على أن الأولين قست قلوبهم وإنما فقط يدل على المعنيين في زمن الرسول ﷺ أما الأولون فلم تقسو قلوبهم. (من قبلُ) هي التي دلت على أن الأولين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم. إذن (وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ) (من قبل) أفاد أن الأولين قست قلوبهم ولو لم يقل (من قبلُ) لم يفد هذا. لو قال ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب قد يكون المقصود بهم الذين في زمن الرسول ﷺ ولم يشر إلى الأولين فهوالآن كأنه ذمّ الذين في زمن الرسول ﷺ أن هؤلاء طال عليهم الأمد وليس فيه دلالة على أن الأقدمين قست قلوبهم كذلك والمراد هم الأقدمون. لما قال (من قبلُ) دل على أن الأولين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم فكيف لهؤلاء وقد تطاول عليهم الأمد؟! إذا كان الأولون قست قلوبهم وقد تطاول الزمن فما بالك بهؤلاء؟!.