(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨))
ذكر تعالى في غير موطن المتصدقين والمتصدقات وأشرنا في أكثر من مناسبة ووقفنا عند هذا وقلنا أنه من باب الإبدال الجائز. أصل المصّدّقين والمصدقات متصدقين ومتصدقات مثلما ذكرنا يدّبر ويتدبر وذكرنا في حينها أنه فيها تضعيفان (المصّدّقين) والتضعيف فيه مبالغة فهنا قال (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ) لما بالغوا في الصدقة أعطاهم مضاعفة لذا لاحظ في سورة يوسف قال (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) يوسف) لم يطلبوا المبالغة في الصدقة وهذا من حسن أدبهم يعني يكفيهم الشيء القليل فلم يقولوا (فاصّدّق علينا) كأنهم يريدون الشيء الكثير. قسم قال (يجزي المتصدقين) لم يقل المصدقين لأن المتصدقين تشمل المقلّين والمكثرين. لو قال المصدقين تدل على أنه يجزي المبالغين في الصدقة دون غيرهم لكنه يجزي المُقِلّ والمُكثِر. المصّدّقين والمصّدّقات هم المكثرون في الصدقات فقال تعالى يضاعف لهم ولهم أجر كريم، هؤلاء المبالغين في الصدقة وأقرضوا الله قرضاً حسناً والجزاء على قدر العمل. (مصّدّق) الذي يُخرج أمواله في سبيل الله ومنها قد تكون من باب الفروض كالزكاة ورب العالمين سماها صدقة.
ماذا يفيد العطف بين المصدقين والمصدقات؟ أولاً يدل على استقلال النساء في أموالهن، وما دام مالها فلها الحرية في أن تصرف وتقرض الله قرضاً حسناً وأن تفعل ما تشاء في مالها. ويبين أيضاً أنه إذا كان لها مال فلا تغني صدقة زوجها أو أبيها عنها وأنها يضاعف لها كما يضاعف للرجال. ثم ذكر المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات فالجو العام هكذا فذكر المصدقين والمصدقات.


الصفحة التالية
Icon