سبحان الذي أسرى: المجيء بالمصدر يفيد الإطلاق بدون تقيّد بزمن أو بفعل أو بفاعل تسبيح مطلق قبل تسبيح أحد لا بفاعل معين ولا بزمن معين قبل خَلق المسبّحين أصلاّ. والإفتتاح بـ "سبحان " طبع السورة بجو التسبيح وشاع فيه ذكر التسبيح (سبحانه وتعالى عمّا يقولون علواً كبيرا) (تسبح له السموات السبع والأرض) (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) وهي أوسع وأشمل توسيع على الإطلاق.
الفعل عادة مقيّد بزمن ومقيّد بفاعل فعندما قال تعالى (سبحان الذي أسرى) كان مطلقاً قبل وبعد تسبيح المسبّحين لا بفاعل معين وزمن معيّن إنما له التسبيح المطلق قبل أن يخلق المسبحين أصلاً. فالإطلاق في التسبيح في السورة متناسب جداً مع ما جاء في أول السورة (سبحان الذي) وهو التسبيح المطلق. وليس هناك في القرآن كله سورة شاع فيها التسبيح كما شاع في سورة الإسراء ولا توجد سورة تضاهيها في التسبيح ولعلها إشارة إلى أن الرسول - ﷺ - سينتقل إلى عالم وجو مليء بالتسبيح (الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون) فالسورة إذن مشحونة بالتسبيح. وأسرى تفيد المشي ليلاً وقد يكون من معانيها التسرية عن الرسول - ﷺ - بعدما لاقاه في عام الحزن وما حصل له في الطائف فأراد الله تعالى أن يُسرّي عن رسوله ويريه كيف تكون حفاوته في السماء بعد أن هان على الكفّار في قريش والطائف فآذوه ولم ينصروه هذا والله أعلم.