ونأخذ كل فرق على حدة ونبدأ بقول الملأ في الأعراف ؛ فالقائلون في الأعراف هم الملأ والقائل في الشعراء هو فرعون وعندما كانت المحاجة عند فرعون وانقطعت الحجة بقول (بسحره). والفرق بين (أرسل) و(ابعث) في اللغة كبير: أرسل وفعل الإرسال تردد في سورة الأعراف أكثر مما تردد في سورة الشعراء (ورد ٣٠ مرة في سورة الأعراف و١٧ مرة في سورة الشعراء) هذا من الناحية اللفظية. وفعل (بعث) هو بمعنى أرسل أو هيّج ويقال في اللغة بعث البعير أي هيّجه وفي البعث إنهاض كما في قوله تعالى (ويوم يبعث من كل أمة شهيداً) (إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) أي أقامه لكم وليست بنفس معنى أرسله. فلما كانت المواجهة والتحدّي في سورة الشعراء أكثر جاء بلفظ (بعث) ولم يكتفي بالإرسال إنما المقصود أن ينهض من المدن من يواجه موسى ويهيجهم وهذا يناسب موقف المواجهة والتحدي والشدة. وكذلك في اختيار كلمة (ساحر) في سورة الأعراف و(سحّار) في سورة الشعراء لأنه عندما اشتد التحدي تطلّب المبالغة لذا يحتاج لكلّ سحّار وليس لساحر عادي فقط ونلاحظ في القرآن كله حيثما جاء فعل (أرسل) جاء معه ساحر وحيثما جاء فعل (بعث) جاء معه سحّار. وفي سورة الأعراف وردت كلمة السحر ٧ مرات بينما وردت ١٠ مرات في سورة الشعراء مع العلم أن سورة الأعراف أطول من سورة الشعراء.
وكذلك قوله تعالى في سورة الأعراف (وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين) أما في سورة الشعراء فقال تعالى (قالوا لفرعون أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين) ففي سورة الأعراف لم يقل (قالوا لفرعون) أما في سورة الشعراء فقال (قالوا لفرعون) أي أصبح القول موجهاً إلى فرعون لأن التحدي أكبر في سورة الشعراء وفيها تأكيد أيضاً بقوله (أئن لنا لأجراً)، أما في سورة الأعراف (إن لنا لأجراً) المقام يقتضي الحذف لأن التفصيل أقلّ.