ثم نأتي لسبب الترتيب على الشكل الذي جاء في الآيات نجد أنه ذكر إبراهيم وإسحق ويعقوب، واسحق ابن إبراهيم ويعقوب ابن اسحق (العلاقة التي بينهم هي البنوّة) ثم داوود وسليمان ( العلاقة بينهم البنوّة والمُلك) أيوب ويوسف (العلاقة بينهما أنهما يشتركان في الإنعام بعد النبوة، فكلاهما ممن أنعم الله تعالى عليه بعد الابتلاء) سليمان وأيوب (العلاقة بينهما أنهما كلاهما قال تعالى فيهما :(نعم العبد إنه أوّاب) فأيوب هو العبد الصابر وسليمان هو العبد الشاكر، والصبر والشُكر جماع الإيمان) موسى وهارون (العلاقة بينهما هي الأخوّة) زكريا ويحيى (علاقة البنوّة) يحيى وعيسى (كلاهما مُستغرب الولادة فيحيى جاء من أبوين أحدهما شيخ والآخر عقيم وعيسى جاء من أم بلا أب وقد ذكرهما تعالى معاً في سورة آل عمران ومريم) وقد ختم تعالى هذه المجموعة بعيسى - عليه السلام - لأنه ليس له أب فكان خاتمة النسب الأول عنده.
ثم بعد عيسى - عليه السلام - تأتي سلسلة أخرى من ذرية أخرى : إلياس ليس من ذرية اسحق، إسماعيل أخو إسحق، اليسع صاحب إلياس (وحيث ورد اليسع ورد إلياس) ويونس ليس من ذرية إبراهيم وكذلك لوط ليس من ذرية إبراهيم، ويونس ولوط كلاهما مهاجر وترك قومه وقد جمع تعالى بينهما في سورة الصافّات أيضاً فيونس خرج مغاضباً ولوط قال إني مهاجر إلى ربي. ولو لاحظنا الأنبياء الذين ورد ذكرهم لوجدنا أن الترتيب بدأ بالذاهب إلى ربه أي إبراهيم - عليه السلام - (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) الصافات) وخُتمت بالمهاجر إلى ربه أي لوط - عليه السلام - (فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦)العنكبوت). وهذا يدل على أن للترتيب الذي ورد حكمة إلهية بالإضافة إلى الهيكلية.
٢٨٤- ما دلالة صيغة المبني للمجهول في قوله تعالى (يُبصّرونهم) في سورة المعارج؟


الصفحة التالية
Icon