ظهر مما سبق أن مصطلح (تفسير القرآن بالقرآن) قد استُعمل بتوسع في تطبيقاته، ويبرز هذا من استقراء تفاسير المفسرين، خاصة من نصّ على هذا المصطلح أو إشار إليه في تفسيره؛ كابن كثير (ت: ٧٧٤هـ)، والأمير الصنعاني (ت: ١١٨٢هـ)، والشنقيطي (ت: ١٣٩٣هـ).
ويبدو أن كل استفادة من آيات القرآن؛ كالاستشهاد أو الاستدلال بها يكون داخلاً ضمن تفسير القرآن بالقرآن.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره الصنعاني في تفسير قوله تعالى: ((لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: ٣] حيث قال: »أي قاتلها لعدم إيمان قومك.
»تكرر هذا المعنى في القرآن في مواضع: ((وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)) [الحجر: ٨٨] وفي الكهف: ((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً)) [الكهف: ٦]. وفي فاطر: ((فَلاتَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)) [فاطر: ٨]. ونحوه: ((إن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَن يُضِلّ)) [النحل: ٣٧]. ونحو ذلك مما هو دليل على شفقته على الأمة، ومحبته لإسلامهم، وشدة حرصه على هدايتهم مع تصريح الله له بأنه ليس عليه إلا البلاغ«(٨).
ويمكن القول: إنه ليس هناك ضابط يضبط المصطلح المتوسع بحيث يمكن أن يقال: هذا يدخل في تفسير القرآن بالقرآن، وهذا لا يدخل فيه؛ ولذا يمكن اعتبار كتب (متشابه القرآن)(٩)، وكتب (الوجوه والنظائر) من كتب تفسير القرآن بالقرآن بسبب التوسع في المصطلح.
فكتب (متشابه القرآن) توازن بين آيتين متشابهتين أو أكثر، وقد يقع الخلاف بينهما في حرف أو كلمة، فيبين المفسر سبب ذلك الاختلاف.
وكتب (الوجوه والنظائر) تبيّن معنى اللفظ في عدة آيات، وتذكر وجه الفرق فيها في كل موضع.
* المفسرون المعتنون بهذا المصدر: