أو يُسمَّى المنقولُ عنهم بالرِّوايةِ، والمأخوذُ من طريقِ الاجتهادِ بالدِّراية(١)، ولكن يجب أن تنتبه إلى أنَّ لهم في تفسيرِهم درايةٌ، ثمَّ صار لمن بعدهم روايةً.
وأيًّا ما اصطلحتَ على المنقولِ عن السَّلفِ، فإنه يجبُ أن تتنبَّه إلى ورودِ الاجتهادِ عنهم، وأنَّهم صاروا بعد ذلك مصدرًا لمن جاء بعدهم، يعتمدُ عليهم، ويتخيَّرُ من أقوالِهم، أو يضيفُ ما صحَّ من المعنى ولم يناقض أقوالَهم.
ويمكنُ تلخيصُ هذا الموضوع فيما يأتي:
(١) سار على هذه التسميةِ الشَّوكانيُّ، وقد سمَّى تفسيره: فتح القدير الجامع بين فَنَّي الرِّوايةِ والدِّرايةِ، وقصد بالرِّوايةِ ما نُقِلَ عن السَّلفِ، وقد اعتمد في أغلب ما ذكره عنهم على كتاب الدُّرِّ المنثورِ للسيوطيِّ (فتح القدير ١٣: ١). لكنه في منهجِه في ترتيب كتابِه وقع في أمرٍ غريبٍ جدًّا، حيثُ جعلَ التفسيرَ المنقولَ عن السَّلفِ بعد ما يذكرُه من التفسير بالدِّرايةِ، ولم يخلط بينها ويمزجها، مع أنَّه في بعضِ المواضِع يذكر معنىً من المعاني، ويشيرُ إلى أنه سيردُ في المنقولِ عن السلفِ، ولم أجد من سبقه إلى هذه الطريقِ، ولا من لحقه بها، ولقد كان المهيعُ المسلوكُ هو مزجُ تفسيرِ السلفِ بغيرِه مما يذكره المتأخّرونَ. ولقد لاحظتُ أنَّ عملهُ هذا أضعفَ جانب المنقولِ عنده، فقلَّ من يعتني به من دارسيه، بل كانوا إذا وصلوا إلى قوله: ((وأخرج)) انتقلوا إلى ما بعدها من الآيات، وهذا من القصورِ الذي سبَّبه هذا التقسيمُ من الشوكانيِّ.
كما أنَّ هذا التَّأخيرَ للمنقولِ عن السلفِ، وعدمَ مزجه في التفسيرِ يُظهرُ عدمَ الاعتدادِ به، وأنَّه يمكنُ أن يُغنيَ عنه تفسيرُ المتأخرين، وهذا قصور في النَّظر والتَّحقيق.
كما أنَّ هذا التَّأخيرَ للمنقولِ عن السلفِ، وعدمَ مزجه في التفسيرِ يُظهرُ عدمَ الاعتدادِ به، وأنَّه يمكنُ أن يُغنيَ عنه تفسيرُ المتأخرين، وهذا قصور في النَّظر والتَّحقيق.