ألم يكونوا يميّزون هذه الإسرائيليات التي استطاع المتأخرون تمييزها؟!، وإذا كان ذلك كذلك؟ فما الضرر من روايتها؟.
ألا يكفي المفسر بأن يحكم على الخبر بأنه إسرائيلي، مما يجعله يتوقف في قبول الخبر؟.
إن بحث(الإسرائيليات) يحتاج إلى إعادة نظر فيما يتعلق بمنهج سلف الأمة في روايتهم لها، ومن أهم ما يجب بحثه في ذلك ما يلي:
١- جَمْعُ مروياتهم فيها، وجَعْلُ مرويات كل مفسرٍ على حِدَةٍ.
٢- محاولة معرفة طريق تحمّل المفسر لها، وكيفية أدائه لها، فهل كان يكتفي بعرضها ثقةً منه بتلاميذه الناقلين عنه؟.
أو هل كان ينقدها، ويبين لتلاميذه ما فيها؟.
٣- ما مدى اعتماد المفسر عليها؟.
وهل كان يذكرها على سبيل الرواية لما عنده في تفسير هذه الآية، من غير نظر إلى صحة وضعف المروي؟.
أوْ هل كان يرويها على سبيل الاستئناس بها في التفسير؟.
أو هل يعتمد عليها، ويبني فهم الآية على ما يرويه منها؟.
تلك المسائل وغيرها لا يتأتّى إلا بعد جمع المرويات، واستنطاقها لإبراز جوابات هذه الأسئلة وغيرها مما يمكن أن يَثُورَ مع البحث.
ثم بعد هذا يمكن استنباط منهج السلف وموقفهم من الإسرائيليات في التفسير. والله أعلم.
الهوامش :
١- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (العلم: إما نقلٌ مُصَدّقٌ، وإما استدلال محقّقٌ) (مقدمة في أصول التفسير، ص٥٥).
٢- رواه البخاري (فتح الباري، جـ٨ ص٢٤ ـ ٢٥).
٣- رواه البخاري (فتح الباري، جـ٨ ص٣٧).
٤- رواه مسلم في صحيحه (رقم ١٣٩٨).
٥- انظر: البخاري (فتح الباري، جـ٨ ص٤٠٢).
٦- رواه البخاري (فتح الباري، جـ٨ ص٥٢٧).
٧- انظر روايتهما في: صحيح البخاري(فتح الباري، جـ٨ ص ٣٦٠).
* جواب هذا السؤال يحتاج بحثاً خاصّاً، والمراد هنا الإشارة إلى هذا الإشكال فقط.
٨ ـ تفسير الطبري، جـ١٩ ص ١٤٣. وانظر: سؤال ابن عباس لأبي الجلد في تفسير الطبري: جـ١ ص ١٥١، ١٣، ١٢٣.
٩ ـ رواه البخاري(فتح الباري، جـ١ ص١٦٧).