مصادر التفسير
(٥)
تفسير الصحابة للقرآن
-الحلقة الثالثة-
كتبة
مساعد بن سليمان الطيار
ثانياً: ما يتعلق بالفهم والاجتهاد (الاستدلال):
يكون معتمد المفسّر في هذا القسم العقل، ولا خلاف في أن الصحابة قد اجتهدوا في بيان القرآن، وقد نبّه ابن الأثير إلى ذلك في شرحه لحديث: (من قال في كتاب الله (عز وجل) برأيه...)(١)، حيث قال: (وباطل أن يكون المراد به : أن لا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه، فإن الصحابة (رضي الله عنهم) قد فسّروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوهٍ، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي، وإن النبي دعا لابن عباس، فقال: (اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل)(٢)، فإن كان التأويل مسموعاً كالتنزيل، فما فائدة تخصيصه بذلك؟)(٣).
ويشتمل هذا القسم على أربعة أنواع، هي :
١- تفسير القرآن بالقرآن :
قد سبق الحديث عن أن تفسير القرآن بالقرآن مرجعه إلى الرأي، وذلك أن ربط الصحابي بين آية وأخرى كان معتمداً على العقل، ولو كان عنده سندٌ إلى رسول الله لذكره، مثل ما مرّ ذكره في تفسير قوله (تعالى): ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ)) [الأنعام: ٨٢] حيث أُسند إلى الرسول ﷺ.
ومن الأمثلة الواردة عنهم في تفسير القرآن بالقرآن ما يلي:
عن عمر بن الخطاب في تفسير قوله (تعالى): ((وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)) [التكوير: ٧] قال: تزويجها: أن يؤلف كل قوم إلى شبههم، وقال: ((احْشُرُوا الَذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ)) [الصافات: ٢٢](٤).
و مما يحسن بحثه في هذا الموضوع: كيفية استفادة الصحابة من القرآن في تفسيرهم.
٢- تفسير القرآن بأقوال الرسول ﷺ مما لم ينص فيها على التفسير :
سبق الحديث عن هذا القسم، وأن معتمد المفسر هاهنا العقل، وذلك لأن الصحابي يجتهد في ربط الحديث بمعنى الآية.