ب - قال الأزهري (ت: ٣٧٠): (... عن أبي حاتم (ت: ٢٥٥) في قوله: ((فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)) [الأنبياء: ٨٧] أي: لن نضيِّق عليه.
قال - أي: أبو حاتم : ولم يدر الأخفش ما معنى ((نَقْدِرَ))، وذهب إلى موضع القُدرة، إلى معنى: فظنّ أن يفوتنا، ولم يعلم كلام العرب حتى قال: إن بعض المفسرين قال: أراد الاستفهام: أفظنّ أن لن نقدر عليه؟ ولو علم أن معنى نقدر: نضيِّق، لم يَخْبِط هذا الخبط، ولم يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو)(٨).
* ومن العلوم التي يلزم معرفتها الناسخ والمنسوخ وما شابهه من المباحث؛ كالمطلق والمقيد، والخاص والعام، ومعرفتها لازمة للمفسر بلا شك، ومن الآثار التي يمكن الاعتماد عليها في ذلك ما رواه أبو عبد الرحمن السلمي قال: (انتهى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى رجل يقصّ(٩)، فقال: أعلمتَ الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. قال: هلكتَ وأهلكتَ)(١٠).
وقد استدل مَنْ كتب في علم الناسخ والمنسوخ في القرآن بهذا الأثر لبيان أهمية هذا العلم. وإذا كان علي ـ رضي الله عنه ـ قد اعترض على القاصِّ؛ فالمفسر من باب أوْلى ينبغي أن ينبّه إلى ذلك، لما في جهل هذا العلم من أثر في عدم فهم التفسير.
* ومن العلوم سبب النزول وقصص الآي؛ ذلك أن معرفة سبب النزول وقصص الآي يفيد في معرفة تفسير الآية.
ومن الأمثلة التي تدل على أهمية معرفة هذا الجانب، وأن عدم معرفته يوقع في الخطأ، ما وقع لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت: ٢١٠) في تفسير قوله ـ تعالى ـ: ((وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)) [الأنفال: ١١] حيث قال: (مجازه: يفرغ عليهم الصبر، وينزِّلُه عليهم، فيثبتون لعدوهم)(١١).
وسبب النزول يدلّ على خطأ أبي عبيدة في تفسيره هذا، فلما لم يعرف السبب نحى في تفسيره هذا المنحى اللغوي الذي لا تدلّ عليه الآية بسببها.