والتثبيت المذكور في الآية حقيقي، وهو أن أقدام المسلمين لا تسوخ في الرمل لما نزل عليه المطر، وبهذا جاء التفسير عن الصحابة الذين شاهدوا النزول، وعن التابعين الذين نقلوا عنهم(١٢).
* ومنها معرفة السنة النبوية، ويكون ذلك بالرجوع إلى صريح التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما يكون بالرجوع إلى أقواله وأفعاله التي لها أكبر الأثر في فهم القرآن.
ومما يمكن التمثيل به من استعانة المفسر بالسنة النبوية، ما رواه الطبري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (ما رأيت أشبه باللمم مما قاله أبو هريرة عن النبي: إن الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنى، أدركه ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر...)(١٣).
ثم إن عدم معرفة السنة التي تفسر القرآن قد تجعل المفسر يجنح إلى مصدر آخر؛ فيفسر به لعدم ورود هذا التفسير النبوي إليه.
ومما يمكن أن يُمثّل به هنا ما روي عن السلف في تفسير قوله - تعالى: ((يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ)) [القلم: ٤٢] فقد فسّر جمع من السلف الساق بالمعنى اللغوي، أي: عن أمر شديد(١٤)، ومنهم: ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعكرمة(١٥).
وقد ورد في حديث أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاءً وسُمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقاً واحداً)(١٦).
وهذا الحديث يفسِّرُ الساق الذي جاء في الآية نكرةً لم يُضَفْ، ويبيِّن أن المراد بالساق ساق ربنا ـ عزّ وجلّ ـ.
ولو لم يَرِدْ هذا الحديثُ لاعتُمِدَ قول ابن عباس وتلاميذه في تفسير الساق، والله أعلم.
وبعد.. فهذه بعض العلوم التي إن جهل المفسر بها فإنه يقع في التأويل الخطأ، ولا يحالفه الصواب في معنى الآية(١٧).
الثاني: نَظَرٌ في طبقة المفسر: