... ١-٢- قوله تعالى :﴿عبس وتولى * إن جاءه الأعمى﴾ ؛ أي : قطب وجهه وكلح ؛ لأجل أن جاءه الأعمى يسترشد عن الدين، وأعرض وانشغل عنه بالغني الكافر رجاء أن يسلم(١).
... ٣- قوله تعالى :﴿وما يدريك لعله يزكى﴾ ؛ أي : وما يعلمك، لعل هذا الأعمى الذي عبست في وجهه يتطهر من ذنوبه بموعظتك، فيسلم؟(٢)..
... ٤- قوله تعالى :﴿أو يذكر فتنفعه الذكرى﴾ ؛ أي : فإن لم يقع منه تزك، حصل الاتعاظ بالموعظة، فتنفعه ولو بعد حين؟(٣).
... ٥-٦- قوله تعالى :﴿أما من استغنى * فأنت له تصدى﴾ ؛ أما من عد نفسه غنياً عنك، وعن الإيمان بك(٤)، فأنت تتعرض له.

(١)... جاء الخطاب على صيغة الغيبة تلطفاً في عتاب النبي ﷺ. وجاء ذكر عبد الله بن أم مكتوم بوصفه إشعاراً بعذره في عدم معرفته بانشغال الرسول ﷺ، وترقيقاً لقلب النبي ﷺ لأجل علته، وهي العمى، حيث يحتاج من الرعاية ما لا يحتاجها غيره، والله أعلم.
(٢)... عبر ابن زيد عن معنى "يزكى" فقال : يسلم، وهذا فيه إشارة إلى أن ابن أم مكتوم لم يسلم بعد، وقد سبق بيان كلية تفسيرية لهذا اللفظ عند ابن زيد، وهي أن التزكي في القرآن بمعنى الإسلام.
(٣)... في ذكر التزكي وبعده التذكر، وهو حصول أثر التذكير احتمالان :
... الأول : أن يكون الأمر من قبيل التخلية والتحلية، فالتزكي : تطهير، وهذا جانب التخلية، وحصول التذكر في القلب تحلية.
... الثاني : أن يكون التزكي : كمال حصول الموعظة في القلب، والتذكر : ما يحصل فيه القلب من يسيرها، ويكون المعنى : إن لم يقع منه كمال تزك، وقع منه يسير ينفعه في المستقبل، والله أعلم.
(٤)... يذكر بعض المفسرين أن معنى استغنى : استغنى بماله، ولا يمنع أن يكون هذا الكافر غنياً بماله، غير أن المناسب لسبب النزول أن يكون استغنى عن الإيمان بالرسول ﷺ، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon