إذا الشمس كورت * وإذا النجوم أنكدرت * وإذا الجبال سيرت * وإذا العشار عطلت * وإذا الوحوش حشرت * وإذا البحار سجرت * وإذا النفوس زوجت * وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت * وإذا الصحف نشرت * وإذا السماء كشطت * وإذا الجحيم سعرت * وإذا الجنة أزلفت * علمت نفس ما أحضرت * فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس * والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس * إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون * ولقد راءه بالأفق المبين * وما هو على الغيب بضنين * وما هو بقول شيطان رجيم * فأين تذهبون * إن هو إلا ذكر العالمين * لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء رب العالمين.
سورة التكوير
... قال ﷺ : من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين، فليقرأ :﴿إذا الشمس كورت﴾، و ﴿إذا السماء انفطرت﴾، و ﴿إذا السماء انشقت﴾.
... وقد ورد عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن الآيات لست الأولى تكون في آخر الزمان والناس ينظرون إليها، ولست الأخيرة تكون في يوم القيامة.
... ١- قوله تعالى :﴿إذا الشمس كورت﴾ ؛ أي : إذا جمع جرم الشمس، وذهب ضوؤها، فألقيت في النار(١)

(١)... عبر السلف عن التكوير بالعبارات الآتية :
ذهبت، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي، والضحاك من طريق عبيد، وقال مجاهد من طريق أبي يحيى: اضمحلت وذهبت، وقال سعيد بن جبير من طريق جعفر : غورت.
ذهب ضوؤها، وهو قول أبي بن كعب من طريق أبي العالية، وقتادة من طريق شعبة، وقال ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة : أظلمت.
رُمي بها، وهو قول الربيع بن خثيم، وأبي صالح من طريق إسماعيل، وفي رواية أخرى ن طريق إسماعيل: نكست.
وهذه الأقوال ترجع إلى معنيين : ذهابها بذاتها، يلحقه ذهاب ضوئها، ورميها، وعلى هذه التفاسير يكون التكوير محتملاً لهذين الأمرين، ويربط بينهما أنهما من الأحوال التي تمر بها الشمس في ذلك اليوم، فجاءت هذه اللفظة الواحدة دالة على هذه المعاني، والله أعلم.
قال ابن جرير الطبري :"الصواب من القول عندنا في ذلك أن يقال :"كورت" كما قال الله جل ثناؤه، والتكوير في كلام العرب : جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس، وكتكوير الكارة، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض ولفها، وكذلك قوله :﴿إذا الشمس كورت﴾ إنما معناه : جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت، فرمي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوؤها، فعلى التأويل الذي تأولناه وبيناه لكلا القولين اللذين ذكرت عن أهل التأويل وجه صحيح، وذلك أنها إذا كورت ورمي بها ذهب ضوؤها".
وعلى هذا الترجيح من الطبري يزيد معنى اللف والمع، ولم أجده لأحد من السلف قبل الطبري، وهو مستنبط من المعنى اللغوي للتكوير، كما أن من قال : رمي بها، فإنه مأخوذ من معنى لغوي آخر في مادة التكوير، تقول : كورت الرجل ؛ أي : طرحته في الأرض، وقد ورد في الحديث :"الشمس والقمر ثوران مكوران في النار". وهذا يشهد لهذا المعنى التفسيري، ويزيد عليه بيان مآل الشمس. أما من فسرها بذهبت واضمحلت فإن ذلك لازم لفها كما ذكرى الطبري، وإذا ذهبت ذهب ضوؤها، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon