... ١٧- قوله تعالى ﴿والليل إذا عسعس﴾ ؛ أي : وأقسم بالليل إذا أقبل أو أدبر(١).
... ١٨- قوله تعالى :﴿والصبح إذا تنفس﴾ ؛ أي : وأقسم بالصبح إذا بزغ ضوؤه، وانتشرت نسماته الباردة.
... ١٩- قوله تعالى :﴿إنه لقول رسول كريم﴾ هذا جواب القسم، والمعنى : إن القرآن تبليغ جبريل أشرف الملائكة(٢).

(١)... اختلف السلف في المراد بـ "عسعس" في هذا الموضع، على قولين :
... الأول : أدبر، وهو قول بن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، وعلي بن أبي طالب من طريق أبي ظبيان وأبي عبد الرحمن السلمي، وقتادة من طريق معمر وسعيد، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد.
... والثاني : أقبل، وهو قول مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، والحسن من طريق معمر، وعطية العوفي من طريق الفضيل.
... وسبب الاختلاف في هذه اللفظة الاشتراك اللغوي، وهو من قبيل المشترك المتضاد، ويجوز في هذا المثال حمله على معنييه، لاختلاف الزمن المحمول عليه اللفظ، وهو أول الليل وأخره، وبهذا يكون من قبيل اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى، وفي إيثار هذا اللفظ الدال على الحالين معاً ما يظهر بلاغة القرآن وإيجازه في الألفاظ مع اتساع المعاني، دون تعارض بينهما ؛ أي : أنه إذا قيل بأحدهما لزم منه انتفاء الآخر ؛ كما في لفظ القرء من قوله تعالى :﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾ [البقرة : ٢٢٨] فإنك لا يمكن أن تقول بالقولين معاً ؛ لأن المطلوب من المرأة أن تتريث ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض، والله أعلم.
(٢)... نسب إليه القول هنا لأنه المبلغ عن ربه، ولذا عبر عنه بلفظ "رسول" للتنبيه على مهمته، وهي تبليغ كلام الله للنبي ﷺ.


الصفحة التالية
Icon