... ٢-٣- قوله تعالى :﴿الذين إذا اكتلوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون﴾ : هذا بيان للتطفيف الذي يكون من هؤلاء المطففين، وذلك أنهم إذا أخذوا كيلهم أو وزنهم من الناس أخذوه تاما غير ناقص، وذا أعطوا الناس كيلهم أو وزنهم نقصوا منه الشيء القليل، ظلماً منهم ولؤماً(١).
... ٤-٥- قوله تعالى :﴿ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم﴾ ؛ أي : ألا يقع في حس هؤلاء المطففين أنهم سيبعثون يوم القيامة الذي عظم بما يقع فيه من الأهوال، ويحاسبون على تطفيفهم ؟

(١)... في الآية قول آخر ذكره الطبري عن عيسى بن عمر النخوي، وهو أن تكون "هم" من قوله : كالوهم ووزنوهم من ضمير الكائلين والوازنين، لا من ضمير الناس المكيل لهم، ويكون الوقف صالحاً على "كالو" و "زنوا"، ويكون المعنى :"إذا كالوا للناس هم يخسرون" قال الطبري :".. ومن وجه الكلام إلى هذا المعنى، جعل الوقف على "هم"، وجعل "هم" في موضع نصب.
... وكان عيسى بن عمر – فيما ذكر عنه – يجعلهما حرفين، ويقف على "كالوا"، وعلى "زنوا"، ثم يبتدئ :"هم يخسرون". فمن وجه الكلام إلى هذا المعنى، جعل "هم" في موضع رفع، وجعل "كالوا" و "وزنوا" مكتفيين بأنفسهما.
... والصواب في ذلك عندي، الوقف على "هم" ؛ لأن "كالوا" و "وزنوا" لو كان مكتفين، وكانت "هم" كلاماً مستأنفاً، كانت كتابة "كالوا" و "وزنوا" بألف فاصلة بينها وبين "هم" مع كل واحد منهما، وإذا كان بذلك جرى الكتاب في نظائر ذلك، إذا لم يكن متصلاً به شيء من كنيات المفعول، فكتابتهم ذلك في هذا الموضع بغير ألف أوضح الدليل على أن قوله :"هم" إنما هو أسماء المفعول بهم، فتأويل الكلام إذا كان الأمر على ما وصفنا وبينا".
... وهذا الترجيح من الطبري اعتمد فيه رسم المصحف، وهو أحد المرجحات في الاختلاف، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon