١- قوله تعالى :﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ ؛ أي : نزه ربك الذي علا على خلقه في السماء(١)، نزهه ناطقاً باسمه ومتكلماً به عند ذكر إياه، وتعظيمك له، وصلاتك له (٢).

(١)... جاء وصف الأعلى على صيغة اسم التفضيل المطلق الذي لا مقابل له، للدلالة على كماله في هذا الوصف، وأنه لا أحد أعلى منه، وعلوه يشمل علو الذات على خلقه. فهو مستو على العرش الذي هو أعلى المخلوقات وأوسعها، وعلو القهر، فهو القاهر فوق عباده، وعلو القدر بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى، والله أعلم.
(٢)... ورد في تأويل هذه الجملة إشكال، وهو : هل المراد تسبيح الاسم أو تسبيح الرب ؟
... والصواب، والله أعلم، أن المراد تسبيح الرب، ويدل على ذلك حديث الرسول ﷺ أنها لم نزلت قال : اجعلوها في سجودكم. ونحن مأمورن بأن نقول : سبحان ربي الأعلى، وقد ورد هذا التفسير عن علي بن أبي طالب من طريق عبد خير، وابن عباس من طريق أبي إسحاق الهمذاني وزياد بن عبد الله. وهذا يستلزم تنزيه اسمه تعالى من أن يسمى به غيره، كما سمى المشركون أصنامهم بأسماء الله ؛ كاللاتي والعزى.
... قال ابن القيم :"... فصار معنى الآيتين : سبح ربك بقلبك ولسانك، واذكر ربك بقلبك ولسانك، فأقحم الاسم تنبيهاً على هذا المعنى، حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان ؛ لأن ذكر القلب متعلقة المسمى المدلول عليه بالاسم دون ما سواه، والذكر باللسان متعلقة اللفظ مع مدلوله؛ لأن اللفظ لا يراد لنفسه، فلا يتوهم أحد أن اللفظ هو المسبح دون ما يدل عليه من المعنى. وعبر لي شيخنا أبو العباس ابن تيمية – قدس الله روحه – عن هذا المعنى بعبارة لطيفة وجيزة، فقال : المعنى : سبح ناطقاً باسم ربك متكلماً به، وكذا سبح ربك ذاكراً اسمه. وهذه الفائدة تساوي رحلة لكن لمن يعرف قدرها، فالحمد لله المنان بفضله، ونسأله تمام نعمته". (بدائع الفوائد ١ : ١٩).


الصفحة التالية
Icon