٢- قوله تعالى :﴿الذي خلق فسوى﴾ ؛ أي : سبحه لأنه خلق الخلق، وجعل كل مخلوق مناسباً لما خلقه له، فهو يقوم بالأعمال التي تناسبه.
٣- قوله تعالى :﴿والذي قدر فهدى﴾ ؛ أي : والذي قدر لكل مخلوق مقاديره، وهداه لإتيان هذه الأقدار ؛ كتقدير الإنسان للشقوة والسعادة، والبهائم للمراتع، وغيرها من أنواع
التقدير(١).
٤-٥- قوله تعالى :﴿والذي أخرج المرعى * فجعله غثاء أحوى﴾ ؛ أي : والذي أخرج المرعى نباتاً أخضر، فصيره بعد ذلك هشيماً يابساً متغيراً مائلاً إلى السواد من شدة اليبس(٢).

(١)... قال ابن جرير :"والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الله عم بقوله :"فهدى" الخير عن هدايته خلقه، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى، وقد هداهم لسبيل الخير والشر، وهدى الذكور لمأتى الإناث، فالخبر على عمومه حتى يأتي خبر تقوم به الحجة دال على خصوصه". وعلى هذا فما ورد في تفسير السلف فهو على سبيل المثال لتقدير وهداية، والله أعلم.
(٢)... قال الطبري :"وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام : والذي أخرج المرعى أحوى ؛ أي : أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك، ويعتل لقوله ذلك بقول ذي الرمة :
... حواء أشراطية وكفت... فيها الذهاب وحفتها البراعيم
... وهذا القول – وإن كان غير مدفوع أن يكون ما اشتدت خضرته من النبات قد تسميه العرب أسود- غير صواب عندي، بخلاف أهل التأويل في أن الحرف إنما يحتال لمعناه المخرج بالتقديم والتأخير، إذا لم يكن له وجه مفهوم إلا بتقديمه عن موضعه أو تأخيره، فأما وله في موضعه وجه صحيح، فلا وجه لطلب الاحتيال لمعناه بالتقديم والتأخير".


الصفحة التالية
Icon