٩- قوله تعالى :﴿فذكر إن نفعت الذكرى﴾ : هذا بيان لمهمة الرسول ﷺ، وهي تذكر الناس كافة، فمن آمن كانت هذه الذكرى نافعة له، وهو المعني بقوله :﴿سيذكر من يخشى﴾، وإن لم يتذكر كانت حجة عليه، وهو المعني بقوله تعالى :﴿ويتجنبها الأشقى﴾(١).
١٠- قوله تعالى :﴿يذكر من يخشى﴾ : هذا بيان للفريقين اللذين يسمعان الذكرى، فالفريق الأول هو الذي حصلت آثار التذكير في قلبه، فوقع منه التذكر، وهو الذي يخاف الله على علم وتعظيم ومحبة له.
١١-١٣- قوله تعالى :﴿ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيى﴾ : وهذا الفريق الثاني الذي يسمع الذكرى، ولكنه يتباعد عنها، فلا يقع في قلبه تذكر، فهو شديد الشقوة، فلا يسعد بسبب تلك الشقوة التي حصلت له بسبب كفره بالله.

(١)... مقصود الآية أنها حجة على الكافر وتذكرة للمؤمن، كما قال الحسن البصري، وهذا يدل على أن التذكير واجب في كل حال، وأنها نافعة في كل حال، ولا يصح أن يكون لهذا الشرط مقابل؛ أي: وإن لم تنفع فلا تذكر، إذ لا وجه لتقييد التذكير بما إذا كانت الذكرى نافعة ؛ لأنه لا سبيل إلى تعرف مواقع نفع الذكرى.
... الدعوة عامة، وما يعلمه الله من أحوال الناس في قبول الهدى أو عدمه أمر استأثر الله بعلمه، فأبو جهل مدعو للإيمان، والله يعلم أنه لا يؤمن، لكن الله لم يخص بالدعوة من يرجى إيمانه دون غيرهم، والواقع يكشف المقدور.
... وعلى هذا فقوله :﴿فذكر إن نفعت الذكرى﴾ أمر بتذكير كل أحد، فإن انتفع كانت تذكرة تامة نافعة، وإلا حصل أصل التذكير الذي تقوم به الحجة والله أعلم. (انظر : دقائق التفسر : ٥: ٧٥-٨٤).
... ومجيء "إن المقتضي عدم احتمال وقوع الشرط، أو ندرة وقوعه، فيه تنبيه على أن في القوم المذكرين من لا تنفعه الذكرى، ويفسر هذا ما جاء بعدها من قوله :﴿سيذكر من يخشى * ويتجنبها الأشقى﴾.


الصفحة التالية
Icon