وهذا الأشقى سيدخل النار الكبرى التي هي شديدة العذاب والألم، فتشويه بحرها، ثم هو لا يموت فيستريح من عذابها، ولا يحيى حياة كريمة لا إهانة فيها، ومعنى ذلك أنه لا يزول عنه الإحساس، بل هو باق فيه، فيذوق به العذاب، والعياذ بالله.
١٤-١٥- قوله تعالى :﴿قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى﴾ أي : حصل الظفر والفوز والنجاح لمن جعل نفسه زاكية بترك السيئات، وحلاها بالعمل الصالح، وذكر ربه بقلبه ولسانه، فأقام الصلاة لله(١).
١٦-١٧- قوله تعالى :﴿بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى﴾ ؛ أي : ولكنكم أيها الأشقون تختارون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة الذي هو أدوم وأعلى من نعيم الدنيا كما وكيفاً ومكاناً وزماناً وهيئة.

(١)... ورد في تفسير التزكي خلاف بين السلف :
... الأول : من كان عمله زاكياً، وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة :"من تزكى من الشرك"، وهو قول الحسن من طريق هشام، وقتادة من طريق معمر، وعكرمة من طريق الحكم.
... الثاني : قد أفلح من أدى زكاة ماله، وهو قول أبي الأحوص، وقتادة من طريق سعيد.
... الثالث : من أدى زكاة الفطر، وهو قول أبي العالية من طريق أبي خلدة.
... والظاهر من الخطاب العموم، وما ذكر من تفسيرات غيره فإنها أمثلة لأعمال تزكى المسلم، ويظهر من روايات من فسر التزكي بزكاة المال، أو زكاة الفطر، أنه استشهد بهذه الآيات، لا أنه أراد أنها هي المعنية ون غيرها ؛ لأن السورة مكية، وزكاة الفطر إنما كان في المدينة، وكذا يحمل على ما بعدها من الذكر والصلاة إنها على العموم، قال الطبري :"والصواب من القول في ذلك أن يقال: وذكر الله فوحده، ودعا إليه، ورغب ؛ لأن كل ذلك في ذكر الله، ولم يخصص الله تعالى من ذكره نوعاً من دون نوع ".


الصفحة التالية
Icon