... ١- قوله تعالى :﴿والشمس وضحاها﴾ : يقسم ربنا بالشمس وبضوئها الذي يكون أول النهار(١).
... ٢- قوله تعالى :﴿والقمر إذا تلاها﴾ : ويقسم ربنا بالقمر إذا تبع الشمس بخروجه(٢).
... ٣- قوله تعالى :﴿والنهار إذا جلاها﴾ : ويقسم ربنا بالنهار إذا أظهر الشمس وضوءها(٣)

(١)... ورد عن قتادة من طريق سعيد تفسير "ضحاها" بأنه النهار، وعن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح : بضوئها. قال ابن جرير :"والصواب من القول في ذلك أن يقال : أقسم جل ثناؤه بالشمس ونهارها، لأن ضوء الشمس الظاهر هو النهار". فجعل ابن جرير الطبري معنى الضحى في اللغة النهار كله، وكذا فسره في قول تعالى :﴿والضحى﴾ [الضحى : ١]، ، كذا فسر الفراء في معاني القرآن، والمعروف من الضحى في اللغة أنه أول النهار، ومنه صلاة الضحى، وهي تكون بعد ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال، وهذا – فيما يظهر – هو المقسم به ؛ لأن القسم بالنهار سيجيء بعدها بآية، ومن ثم يكون تفسير قتادة وغيره بأنه النهار أعم من تفسير اللفظ في عرف اللغة، أو يكون معنى آخر للضحى، ومن ثم يكون الخلاف بسبب الاشتراك اللغوي في هذه اللفظة، والله أعلم.
(٢)... فسر السف معنى تلاها بتبعها، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق العوفي، ومجاهد من طريق قيس بن سعد وابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وذكر أن ذلك يكون صبيحة للهال، وابن زيد، وذكر أنه يتلوها في النصف الأول نم الشهر، وهو يكون أمامه في النصف الآخر.
(٣)... فسر قتادة من طريق سعيد :"إذا غشيها"، وهذا تفسير على المعنى ؛ لأن معنى التجلية : الإظهار والإبراز، فإذا ظهر النهار وبرز ضوؤه، فكأنه غشيها، والله أعلم.
... وقد ذكر الطبري عن الفراء وجهاً آخر في التفسير فقال :"وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك بمعنى: والنهار إذا جلا الظلمة، ويجعل الهاء والألف من جلاها كناية عن الظلمة، ويقول : إنما جاز الكتابة عنها، ولم يجر لها ذكر قبل، لأن معناها معروف، كما يعرف قول من قال : أصبحت باردة، وأمست باردة، وهبت شمالاً، فكنى من مؤنثات لم يجر لها ذكر إذ كن معروفاً معناهن.
... والصواب عندنا في ذلك ما قاله أهل العلم الذين حكينا قولهم ؛ لأنهم أعلم بذلك، وإن كان للذي قاله، من ذكرنا قوله من أهل العربية، وجه ".
... يلاحظ في هذا المثال أن الطبري لم يذكر في معنى الآية غير قول قتادة، فاعتمد فهمه في الآية، وهو كذلك يفعل في اعتماد قول الواحد من مفسري السلف إن لم يجد غير قوله، ولم يقبل ذلك اللغوي – وهو الفراء (انظر : معاني القرآن : ٣/٢٦٦) – لأنه مخالف في المعنى لما ذكره عن قتادة الذي وصفه بأنه أعلم بذلك من الفراء، وهذه قاعدته رحمه الله في أقوال اللغويين في تخالف ما ورد عن السلف، =


الصفحة التالية
Icon