... ١٤-١٥- قوله تعالى :﴿فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها﴾ ؛ أي : فكذبت ثمود صالحاً عليه السلام في أمر الناقة، ولم يصدقوه، ولم يأخذوا بتحذيره، فقتل أشقاها الناقة، ورضوا بذلك فكانوا مشاركين له في القتل(١)، فأطبق الله عليهم عذابه، وهو الصيحة والرجفة التي أهلكوا بها، وذلك بسبب ما فعلوه من تكذيب صالح عليه السلام وعقر الناقة، فجعل هذه الدمدمة نازلة عليهم على السواء، فلم يفلت منهم أحد(٢)

(١)... قال الطبري :"وقوله :﴿فكذبوه فعقروها﴾ يقول : فكذبوا صالحاً في خبره الذي أخبرهم به من أن الله الذي جعل شرب الناقة يوماً، ولهم شرب يوم معلوم، وأن الله يحل بهم نقمته إن هم عقروها، كما وصفهم – جل ثناؤه – فقال :﴿كذبت ثمود وعاد بالقارعة﴾ [الحاقة : ٤].
... وقد يحتمل أن يكون التكذيب بالعقر، وإذا كان ذلك كذلك، جاز تقديم التكذيب قبل العقر، والعقر قبل التكذيب، وذلك أن كل فعل وقع عن سبب حسن ابتداؤه قبل السبب وبعده ؛ كقول القائل : أعطيت فأحسنت، وأحسنت فأعطيت، لأن الإعطاء هو الإحسان، ومن الإحسان الإعطاء، وكذلك لو كان العقر هو سبب التكذيب، جاز تقديم أي ذلك شاء المتكلم... وقد كان=
(٢)... القوم قبل قتلها مسلمين لها بشرب يوم، ولهم شرب يوم آخر، قيل : وجاء في الخبر أنهم بعد تسليمهم ذلك، أجمعوا على منعها الشرب، ورضوا بقلتها، وعن رضا جميعهم قتلها قاتلها، وعقرها من عقرها، ولذلك نسب التكذيب والعقر إلى جميعهم، فقال جل ثناؤه، ﴿فكذبوه فعقروها﴾ ".
( )... قال قتادة من طريق سعيد :"ذكر لنا أن أحيمر ثمود أبي أن يعقرها حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها، دمدم الله عليهم بذنبهم فسواها".


الصفحة التالية
Icon