، وبالجنة التي هي الموعد الأكبر للمنفق، فإن الله ييسر له العمل بما يرضاه الله، ليصل به إلى الجنة.
... ٨-١١- قوله تعالى :﴿وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى* وما يغني عنه ماله إذا تردى﴾ : هذا الصنف الثاني من أهل السعي، وهم من لم ينفق ماله في سبيل الله، بل قبضه وبخل به، واستغنى بنفسه وماله عن ربه وعبادته(١)

(١)... مراد قتادة من طريق معمر وسعيد :"صدق المؤمن بموعد الله الحسن". ويحتمل أن يكون مراد قتادة بالموعود : الخلف من الله، فيكون كهذا القول، والله أعلم.
صدق بلا إله إلا الله، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي، وأبي عبد الرحمن من طريق أبي حصين، والضحاك من طريق عبيد.
وصدق بالجنة، ورد ذلك عن مجاهد من طريق ابن نجيح.
قال الطبري : وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل وأولاها بالصواب عندي، قول من قال : عنى به التصديق بالخلف من الله على نفقته. وإنما قلت : ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك، لأن الله ذكر قبله منفقاً طالباً بنفقته الخلف منها، فكان أولى المعاني به أن يكون الذي عقيبه الخبر عن تصديقه بوعد الله إياه بالخلف، إذا كانت نفقته على الوجه الذي يرضاه، مع الخبر عن رسول الله ﷺ بنحو الذي قلنا في ذلك ورد"، ثم ذكر الخبر، وهو : عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ﷺ :"ما من يوم غربت فيه شمسه إلا وبجنبها ملكان يناديان – يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين - : اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً"، فأنزل الله في ذلك القرآن : فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * إلى قوله :﴿العسرى﴾".
والحسنى وصف لموصوف، وهي الخصلة الحسنى، وما ذكره السلف محتمل في التفسير، وبين أقوالهم تلازم واضح، فمن صدق بلا إله إلا الله، فهو مصدق بالجنة، ومصدق بالخلف من الله، وكذا العكس، والله أعلم. غير أن السياق فيما يظهر مرتبط بالإنفاق، ولذا ورد أن هذه الآيات نزلت في إنفاق أبي بكر الصديق وكذا جاء بعد ذكر من بخل بماله قوله تعالى :﴿وما يغني عنه ماله إذا تردى﴾ وما بعدها من الآيات في الإنفاق، والله أعلم.
( )... قال قتادة من طريق سعيد :"وأما من بخل بحق الله عليه، واستغنى بنفسه عن ربه "، وورد عن ابن عباس من طريق العوفي :"من أغناه الله، فبخل بالزكاة"، وهذا يعني أن الآية يدخل فيها مانع الزكاة من المسلمين، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon